به الجمع، وما بعد هذا مفسر فيما تقدم إلى قوله: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ [سبأ: ٣٩] أي: يخلفه لكم، أو عليكم، يقال: أخلف الله له وعليه إذا أبدل له ما ذهب عنه.
قال سعيد بن جبير: وما أنفقتم من شيء في غير إسراف ولا تقتير فهو يخلقه.
وقال الكلبي: وما أنفقتم في الخير والبر فهو يخلقه، إما أن يعلمه في الدنيا، أو بدخوله في الآخرة.
٧٧٠ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا الْعَبَّاسُ الدُّورِيُّ، نا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، نا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلا وَمَلَكَانِ يَنْزِلانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا "
﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ {٤٠﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ ﴿٤١﴾ فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴿٤٢﴾ } [سبأ: ٤٠-٤٢] قوله: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا﴾ [سبأ: ٤٠] يعني المشركين، ﴿ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾ [سبأ: ٤٠] هذا استفهام توبيخ للعابدين، كقوله لعيسى: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [المائدة: ١١٦]، فنزهت الملائكة ربها عن الشرك ف ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ﴾ [سبأ: ٤١] تنزيها لك مما أضافوه إليك من الشرك، ﴿أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ﴾ [سبأ: ٤١] قال ابن عباس: ما اتخذناهم عابدين ولا توليناهم ولسنا نريد غيرك وليا.
﴿بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ﴾ [سبأ: ٤١] يعني الشياطين، قال مقاتل: أطاعوا الشياطين في عبادتهم إيانا.
﴿أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾ [سبأ: ٤١] يعني المصدقين بالشياطين والمطيعين لهم.
ثم يقول الله تعالى: فاليوم يعني في الآخرة، ﴿لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ﴾ [سبأ: ٤٢] يعني العابدين والمعبودين، ﴿نَفْعًا وَلا ضَرًّا﴾ [سبأ: ٤٢] أي: نفعا بالشفاعة ولا ضرا بالتعذيب، يريد أنهم عاجزون لا نفع عندهم ولا ضرر، يقول للذين ظلموا عبدوا غير الله: ﴿ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ [سبأ: ٤٢].
ثم أخبر أنهم يكذبون محمدا والقرآن، فقال: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ {٤٣﴾ وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ ﴿٤٤﴾ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴿٤٥﴾ } [سبأ: ٤٣-٤٥] ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾ [سبأ: ٤٣] الآية، وهي الظاهرة التفسير.
ثم أخبر أنهم لم يقولوا ذلك عن بينة ولم يكذبوا محمدا عن ثبت عندهم، فقال: {وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ