الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلا ﴿٤٣﴾ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ﴿٤٤﴾ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ﴿٤٥﴾ } [فاطر: ٤٢-٤٥] ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ [فاطر: ٤٢] يعني كفار مكة، قال ابن عباس: حلفوا قبل أن يأتيهم محمد بأيمان غليظة.
﴿لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٤٢] رسول، ليكونن أهدى أصوب دينا، ﴿مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ﴾ [فاطر: ٤٢] يعني اليهود والنصارى والصابئين، ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٤٢] محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما زادهم مجيئه، إلا نفورا تباعدا عن الهدى.
﴿اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ﴾ [فاطر: ٤٣] عتوا على الله وتكبرا عن الإيمان به، ومكر السيئ يعني: ومكروا مكر السيئ، وهو عملهم القبيح من الشرك، والمكر هو العمل القبيح، وأضيف المكر إلى صفته، وقرأ حمزة بإسكان الهمزة، والنحويون كلهم يزعمون أن هذا من الاضطرار في الشعر، ولا يجوز مثله في كتاب الله.
وقال أبو علي الفارسي: هو على إجراء الوصل مجرى الوقف، كما حكى سيبويه من قولهم لملائه الأربعة: فأجروا الوصل مجرى الوقف.
قال: ويحتمل أنه خفف آخر الاسم لاجتماع الكسرتين والياءين كما خففوا الياء من أيل لتوالي الكسرتين، ونزل حركة الإعراب بمنزلة غير حركة الإعراب.
وقال أبو جعفر النحاس: كان الأعمش يقف على ومكر السيئ فيترك الحركة، وهو وقف حسن تام، ثم غلط فيه الراوي فروى أنه كان يحذف الإعراب في الوصل، فتابع حمزة الغالط، فقرأ في الأدراج الحركة.
وقوله: ﴿وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ﴾ [فاطر: ٤٣] قال ابن عباس: عاقبة الشرك لا تحل إلا بمن أشرك.
﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا سُنَّةَ الأَوَّلِينَ﴾ [فاطر: ٤٣] هل ينتظرون إلا أن ينزل بهم العذاب كما نزل بالأمم المكذبة قبلهم، ﴿فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ﴾ [فاطر: ٤٣] في العذاب، تبديلا وإن تأخر ذلك، ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلا﴾ [فاطر: ٤٣] لا يقدر أحد أن يحول العذاب عنهم إلى غيرهم.
وما بعد هذا مفسر فيما مضى إلى قوله: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ﴾ [فاطر: ٤٥] يعني المشركين، ﴿بِمَا كَسَبُوا﴾ [فاطر: ٤٥] من الشرك والتكذيب لعجل لهم العذاب والعقوبة، وهو وقوله: ﴿مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [فاطر: ٤٥] وهذا مفسر في ﴿ [النحل، وقوله:] فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾ [سورة فاطر: ٤٥] قال ابن عباس: يريد أهل طاعته وأهل معصيته.