أن الكفار الذين تقوم عليهم الساعة تأخذهم الصيحة وهم يختصمون، والقوم إذا كانوا على أمر واحد كان الخبر عن بعضهم كالخبر عن جميعهم.
ثم ذكر أن الساعة إذا أخذتهم بغتة لم يقدروا على الارتقاء بشيء، فقال: ﴿فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً﴾ [يس: ٥٠] قال مقاتل: عجلوا عن الوصية فماتوا.
﴿وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾ [يس: ٥٠] وإلى منازلهم يرجعون من الأسواق، وهذا إخبار عما يلقون في النفخة الأولى.
ثم أخبر عما يلقونه في النفخة الثانية إذا بعثوا بعد الموت، فقال: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ {٥١﴾ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ﴿٥٢﴾ إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٥٣﴾ فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٥٤﴾ } [يس: ٥١-٥٤] ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ﴾ [يس: ٥١] يعني القبور، ﴿إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ﴾ [يس: ٥١] يخرجون من قبورهم أحياء، يقال: نسل في العد وينسل نسلانا.
﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [يس: ٥٢] قال المفسرون: إنما يقولون هذا لأن الله رفع عنهم العذاب فيما بين النفختين، فيرقدون، فلما بعثوا في النفخة الأخيرة وعاينوا القيامة دعوا بالويل، فقالت الملائكة: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ﴾ [يس: ٥٢] على ألسنة الرسل أنه يبعثكم بعد الموت، وصدق المرسلون في وعد البعث، وقال قتادة: أول الآية للكافرين وآخرها للمسلمين، قال الكافرون: ﴿يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا﴾ [يس: ٥٢].
وقال المسلم: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾ [يس: ٥٢].
ثم ذكر النفخة الثانية، فقال: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ [يس: ٥٣].
يقول الله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [يس: ٥٤].
ثم ذكر أولياءه، فقال: ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ {٥٥﴾ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ﴿٥٦﴾ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ ﴿٥٧﴾ سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ﴿٥٨﴾ } [يس: ٥٥-٥٨] ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ﴾ [يس: ٥٥] يعني في الآخرة، في شغل وقرئ شغل وهما لغتان، قال مقاتل: شغلوا بافتضاض العذارى من أهل النار، فلا يذكرونهم ولا يهتمون لهم.
وهذا قول جماعة المفسرون.
وقال الحسن: شغلوا بما في الجنة من النعيم عما فيه أهل النار من العذاب.
فاكهون ناعمون معجبون بما هم فيه، قال أبو زيد: الفكه الطيب النفس الضحوك، يقال: رجل فكه وفاكه ولم يسمع لهذا أفعل في الثلاثي.
هم وأزواجهم يعني حلائلهم، في ظلال قال مقاتل: في أكنان القصور.
وقرئ في ظلل وهي جمع ظلة.
على الأرائك وهي السرر عليها الحجال، قال أحمد بن يحيى: الأريكة لا تكون إلا سريرا في قبة عليه سواره ومتاعه.
لهم فيها في الجنة، ﴿فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ﴾ [يس: ٥٧] يتمنون ويشتهون، قال الزجاج: وهو مأخوذ من الدعاء.
والمعنى: كل ما يدعوه أهل الجنة يأتيهم.
ثم بين ما يشتهون، فقال: سلام قولا وهو بدل من ما، المعنى لهم ما يتمنون سلام، ومن أهل الجنة أن يسلم الله عليهم، وقولا منصوب على معنى لهم سلام، يقوله