وقالوا: إنه سفه أحلامنا وسب آلهتنا وعاب ديننا.
فعاتب أبو طالب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: ما تريد من قولك يا ابن أخي؟ فقال: أدعوهم إلى كلمة واحدة.
قال: وما هي؟ قال: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ.
فنفروا من ذلك وقالوا: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ [ص: ٥] وخرجوا من عند أبي طالب يقول بعضهم لبعض: ﴿امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ﴾ [ص: ٦] فذلك قوله: ﴿وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ﴾ [ص: ٦] أي: انطلقوا من مجلسهم الذي كانوا فيه عند أبي طالب وهم يقولون: اثبتوا على عبادة آلهتكم، واصبروا على دينكم.
إن هذا الذي نراه من زيادة أصحاب محمد، لشيء يراد لأمر يراد بنا.
﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا﴾ [ص: ٧] الذي يقول محمد، أي: من التوحيد، ﴿فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ﴾ [ص: ٧] يعني النصرانية، لأنها آخر الملل، والنصارى لا يوحدون، لأنهم يقولون ثالث ثلاثة.
وقال قتادة: يعنون دينهم الذي هم عليه.
إن هذا ما هذا الذي جاء به محمد من التوحيد والقرآن، إلا اختلاق كذب وافتعال.
ثم أنكروا تخصيص الله إياه بالقرآن والنبوة، فقالوا: ﴿أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا﴾ [ص: ٨] قال الزجاج: قالوا كيف أنزل على محمد القرآن من بيننا ونحن أكبر سنا وأعظم شرفا منه.
فقال الله تعالى: ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي﴾ [ص: ٨] يعني حين قالوا: ﴿إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ﴾ [ص: ٧] والمراد بالذكر القرآن، ﴿بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ﴾ [ص: ٨] تهديد لهم، أي أنهم سيذوقونه.
ثم أجاب عن إنكارهم نبوته بقوله: ﴿أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ {٩﴾ أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ ﴿١٠﴾ جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأَحْزَابِ ﴿١١﴾ } [ص: ٩-١١] ﴿أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ﴾ [ص: ٩] يقول أبأيديهم مفاتيح النبوة والرسالة فيضعونها حيث شاءوا؟ أي أنها ليست بأيديهم، ولكنها بيد العزيز في ملكه، الوهاب وهب النبوة لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثم أخبر أن الملك له يصطفي من يشاء، وهو قوله: ﴿أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ﴾ [ص: ١٠] أي: إن ادعوا شيئا من ذلك فليصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى السماء.
قال قتادة، ومقاتل: يعني الأبواب التي في السماء.
وقال الكلبي: يقول: في