وقال أبو العالية، والكلبي، ومقاتل: لما نزلت ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾ [الحاقة: ١٩]، ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ﴾ [الحاقة: ٢٥] قالت قريش: زعمت يا محمد أنا نؤتى كتابنا بشمالنا، فعجل لنا قطنا قبل يوم الحساب.
يقولون ذلك تكذيبا له، فقال الله عز وجل: ﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ {١٧﴾ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ ﴿١٨﴾ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ﴿١٩﴾ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ﴿٢٠﴾ } [ص: ١٧-٢٠] اصبر يا محمد، ﴿عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾ [ص: ١٧] من تكذيبك، ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ﴾ [ص: ١٧] لكي تتقوى على الصبر بذكر قوته على العبادة، وهو قوله: ذا الأيد أي: ذا القوة على العبادة، وفي طاعة الله، قال الزجاج: وكانت قوة داود على العبادة أتم قوة، كان يصوم يوما ويفطر يوما، وذلك أشد الصوم، وكان يصلي نصف الليل.
إنه أواب رجاع عن كل ما يكره الله إلى ما يحب الله.
قوله تعالى: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ﴾ [ص: ١٨] هذا كقوله: ﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ﴾ [الأنبياء: ٧٩] وقد مر تفسيره، وقوله: ﴿يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ﴾ [ص: ١٨] قال الكلبي: غدوة وعشية.
يقال: أشرقت الشمس إذا أضاءت.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه بطرق أنه فسر التسبيح بالإشراق في هذه الآية بصلاة