وهو قوله: ﴿إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى﴾ [ص: ٢٢] أي نحن، ﴿خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ﴾ [ص: ٢٢] فجئناك لتقضي بيننا، وهو قوله: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ﴾ [ص: ٢٢] يقال: شط الرجل وأشط شططا وإشطاطا إذا جار في حكمه وقضيته.
قال المفسرون: لا تجر علينا.
﴿وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ﴾ [ص: ٢٢] احملنا على الحق ولا تخالف بنا إلى غيره.
فقال داود: تكلما.
فقال أحد الملكين: ﴿إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ﴾ [ص: ٢٣] أي: على ديني، ﴿لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً﴾ [ص: ٢٣] يعني امرأة، والنعجة البقرة الوحشية، والعرب تكني بها عن المرأة وتشبه النساء بالنعاج من البقر، وإنما عنى بهذا داود لأنه كانت له تسع وتسعون امرأة، ﴿وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ [ص: ٢٣] امرأة واحدة، فقال أكفلنيها ضعها إلي واجعلني كافلها، وهو الذي يعولها وينفق عليها، والمعنى: طلقها لأتزوجها، ﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾ [ص: ٢٣] قال عطاء، عن ابن عباس: كان أعز مني وأقوى على مخاطبتي، لأنه كان الملك.
والمعنى أنه كان أقدر على الخطاب بعزة ملكه.
وهذه القصة تمثيل لأمر داود مع أوريا زوج المرأة التي أراد أن يتزوج بها.
قال داود: ﴿لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ﴾ [ص: ٢٤] أي: بسؤاله نعجتك ليضمها إلى نعاجه، أي: إن كان الأمر على ما تقول فقد ظلمك أخوك بما كلفك من تحولك عن امرأتك ليتزوجها هو، ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ﴾ [ص: ٢٤] وهم الشركاء، واحدهم خليط، وهو المخالط في المال.
يريد أن الشركاء كثير منهم يظلم بعضهم بعضا، وهو قوله: ﴿لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [ص: ٢٤] وظن داود أنهما شريكان فلذلك قال: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ﴾ [ص: ٢٤] وقوله: ﴿إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [ص: ٢٤] أي: فإنهم لا يظلمون أحدا، ﴿وَقَلِيلٌ مَا هُمْ﴾ [ص: ٢٤] أي: هم قليل، يعني الصالحين الذين لا يظلمون، قال المفسرون: فلما قضى بينهم داود عليه السلام نظر أحدهما إلى صاحبه فضحك وصعد إلى السماء، فعلم داود أن الله ابتلاه، وأن ما ذكر من القصة تمثيل لقصته هو.
وقوله: {


الصفحة التالية
Icon