هذا الكتاب، يعني القرآن، ﴿أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ﴾ [ص: ٢٩] كثير خيره ونفعه، ليدبروا ليتدبروا، آياته وليتفكروا فيها فيقرر عندهم صحتها، وليتذكر بما فيه من المواعظ أهل اللب والعقل.
قوله: ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ {٣٠﴾ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ﴿٣١﴾ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴿٣٢﴾ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ ﴿٣٣﴾ } [ص: ٣٠-٣٣] ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ﴾ [ص: ٣٠] يعني ولدا، ثم مدح سليمان بقوله: ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: ٣٠] راجع عما يكره الله إلى ما يحب.
﴿إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ﴾ [ص: ٣١] بعد العصر، الصافنات يقال: صفن الفرس يصفن صفونا إذا قام على ثلاث، وقلب أحد حوافره.
والجياد جمع جواد، وهو الشديد الحضر من الخيل.
قال ابن عباس: يريد الخيل السوابق إذا وقفت صفنت على أطراف حوافرها، عرضت عليه حتى شغلته عن صلاة العصر إلى أن غابت الشمس.
فذلك قوله تعالى: ﴿فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ﴾ [ص: ٣٢] يعني الخيل، والخيل مال، والخير بمعنى المال كثير في التنزيل.
قال الزجاج: الخير ههنا الخيل، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمى زيد الخيل: زيد الخير، وسميت الخيل خيرا لأن الخير معقود بنواصيها: الأجر والمغنم.
قال الفراء: يقول: آثرت حب الخير وكل من أحب شيئا فقد آثره.
وقوله: ﴿عَنْ ذِكْرِ رَبِّي﴾ [ص: ٣٢] أي: على ذكر ربي، يعني صلاة العصر، {حَتَّى تَوَارَتْ


الصفحة التالية
Icon