الثاني كقوله: ﴿يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا﴾ [التوبة: ٣٤] ومثله كثير، والحميم: الحار الذي قد انتهى حره، والغساق: ما سال من جلود أهل النار من القيح والصديد، من قولهم: غسقت عينه إذا انصبت، الغسقان الانصباب، والوجه التخفيف في غساق، لأنه اسم موضوع، قال: ومن شدد ذهب به إلى غسق يغسق فهو غساق.
وآخر وعذاب آخر، من شكله من مثل ذلك الأول، والشكل المثل، ويريد ضربا من العذاب على شكل الحميم والغساق في الكراهة.
قال المفسرون: هو الزمهرير.
ومن قرأ وأخر فالمعنى: وأنواع أخر من شكله.
وقوله: أزواج أي: ألوان وأنواع وأشباه.
هذا فوج قال صاحب النظم: هذا من قول الملائكة، يقولونه لأهل النار إذا جاءوهم بفوج سواهم من أهل النار.
والفوج القطيع من الناس، وجمعه أفواج، والمقتحم الداخل في الشيء رميا بنفسه فيه.
قال الكلبي: إنهم يضربون بالمقامع حتى يثبوا في النار خوفا من تلك المقامع، ويوقعوا أنفسهم فيها.
فلما قالت الملائكة ذلك لأهل النار قالوا: ﴿لا مَرْحَبًا بِهِمْ﴾ [ص: ٥٩] المرحب والرحب معناه السعة، أي: لا اتسعت بهم مساكنهم، والمعنى: لا كرامة لهم.
هذا إخبار أن مودتهم تنقطع وتصير عداوة.
﴿إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ﴾ [ص: ٥٩] داخلوها كما دخلنا، ومقاسون حرها.
فأجابهم الفوج، فقالوا: ﴿بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ﴾ [ص: ٦٠] هؤلاء الأتباع يقولون ذلك للقادة وقد سبقوهم إلى النار، يقولون لهم: ﴿أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا﴾ [ص: ٦٠] أنتم بدأتم بالكفر قبلنا، فبئس القرار بئس المستقر والمسكن جهنم.
ثم قالت الأتباع: ﴿رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا﴾ [ص: ٦١] من شرع وسن لنا هذا الكفر، ﴿فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا﴾ [ص: ٦١] أي: مضاعفا، أي: زدهم على عذابهم عذابا آخر في النار.


الصفحة التالية
Icon