وقوله: ﴿مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٢٢] قال الفراء، والزجاج: عن ذكر الله، كما تقول: أتخمت من طعام أكلته، وعن طعام أكلته، سواء، والمعنى أنه غلظ قلبه وصفا عن قبول ذكر الله تعالى.
أولئك أي: القاسية قلوبهم، ﴿فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [الزمر: ٢٢].
قوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ [الزمر: ٢٣] يعني القرآن، وسمي حديثا لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يحدث قومه ويخبرهم بما نزل عليه منه.
وقوله: كتابا متشابها أي: يشبه بعضه بعضا، ويصدق بعضه بعضا، ليس فيه اختلاف ولا تناقض.
﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ [الزمر: ٢٣] خوفا مما في القرآن من الوعيد.
ومعنى تقشعر: تأخذهم قشعريرة، وهي تغير يحدث في جلد الإنسان عند الوجل والخوف.
٧٩٩ - أَخَبْرَنَا أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ الْعَدْلُ، نا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الرَّزَّازُ، نا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ الْعَبَّاسِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اقْشَعَرَّ جِلْدُ الْعَبْدِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَحَاتَّتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا يَتَحَاتُّ عَنِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ وَرَقُهَا»
قال الزجاج: إذا ذكرت آيات العذاب اقشعرت جلود الخائفين الله تعالى.
﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ﴾ [الزمر: ٢٣] إذا ذكرت آيات الرحمة، وهذا معنى قول جميع المفسرين.
وقوله: ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ﴾ [الزمر: ٢٣] أي: تطمئن وتسكن، ﴿إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٢٣] الجنة والثواب، فحذف مفعول الذكر للعلم به.
قال قتادة: هذا نعت أولياء الله تعالى، نعتهم