بمعنى القرب كثير في الكلام، يقال: فلان يعيش في جنب فلان، أي في قربه وجواره، ومنه قوله تعالى: والصاحب بالجنب والمعنى على هذا القول: على ما فرطت في طلب جنب الله، أي: في طلب جواره وقربه، وهو الجنة.
وهذا معنى قول ابن الأعرابي في قرب الله من الجنة.
وقال الزجاج: أي فرطت في الطريق الذي هو طريق الله من توحيده والإقرار بنبوة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى هذا الجنب بمعنى الجانب، أي: قصرت في الجانب الذي يؤدي إلى رضا الله عز وجل.
والمفسرون ذكروا هذه المعاني، فقال عطاء، عن ابن عباس: ضيعت في ثواب الله.
وقال مجاهد، والسدي: في أمر الله.
وقال الحسن: في طاعة الله.
﴿وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾ [الزمر: ٥٦] أي: وما كنت إلا من المستهزءين بالقرآن وبالمؤمنين في الدنيا، أو تقول: ﴿لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي﴾ [الزمر: ٥٧] أرشدني إلى دينه، ﴿لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [الزمر: ٥٧] الشرك.
﴿أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ﴾ [الزمر: ٥٨] مشاهدة وعيانا: ﴿لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً﴾ [الزمر: ٥٨] رجعة إلى الدنيا، ﴿فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الزمر: ٥٨] الموحدين.
ثم يقال لهذا القائل: ﴿بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي﴾ [الزمر: ٥٩] يعني القرآن، ﴿فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ﴾ [الزمر: ٥٩] قلت: إنها ليست من الله تعالى واستكبرت تكبرت عن الإيمان بها.
قوله: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ {٦٠﴾ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٦١﴾ } [الزمر: ٦٠-٦١] ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ﴾ [الزمر: ٦٠] فزعموا أن له ولدا أو شريكا، وجوههم مسودة.
أخبرنا أبو بكر الحارثي، أنا أبو الشيخ الحافظ، نا عبد الله قحطبة، نا محمد بن الصباح، نا عمرو بن الأزهري، عن أبي الربيع، عن كثير بن زياد، قال: سئل الحسن عن هذه الآية ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ﴾ [الزمر: ٦٠]


الصفحة التالية
Icon