الكافرين لا علينا.
ثم وصفهم فقال: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النحل: ٢٨] تقدم تفسيره، فألقوا السلم انقادوا وأقروا لله بالربوبية، أخبر الله عنهم بالمشاقة في الدنيا، وأخبر أنهم عند الموت ينقادون ويتبرءون من الشرك، وهو قوله: ﴿مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ﴾ [النحل: ٢٨] فقال الملائكة ردا عليهم: ﴿بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٢٨] من التكذيب والشرك.
ثم يقال لهم: ﴿فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ [النحل: ٢٩] مقام المتكبرين عن توحيد الله وعبادته.
﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ {٣٠﴾ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ﴿٣١﴾ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٣٢﴾ } [النحل: ٣٠-٣٢] ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ﴾ [النحل: ٣٠] قال المفسرون: كان هذا في أيام الموسم، يأتي الرجل مكة فيسأل المشركين عن محمد وأمره، فيقولون: إنه ساحر، وكاهن، وكذاب.
فيأتي المؤمنين ويسألهم عن محمد وأمره، وما أنزل الله عليه، فيقولون: خيرا.
أي أنزل خيرا، ثم فسر ذلك الخير فقال: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا﴾ [النحل: ٣٠] قالوا: لا إله إلا الله.
حسنة قال ابن عباس: يريد مضعفة بعشر.
﴿وَلَدَارُ الآخِرَةِ﴾ [النحل: ٣٠] يعني الجنة، ﴿خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ {٣٠﴾ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} [النحل: ٣٠-٣١] هذا كما يقول: نعم الدار دار تنزلها.
قوله: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ﴾ [النحل: ٣٢] قال الكلبي: طيبين من الشرك.
وقال مجاهد: زاكية أفعالهم وأقوالهم.
﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {٣٣﴾ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٤﴾ } [النحل: ٣٣-٣٤] ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ﴾ [النحل: ٣٣] نظير هذه الآية في ﴿ [البقرة، وآخر سورة الأنعام، وقد تقدم، وقوله] كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [سورة النحل: ٣٣] يريد كفار الأمم الماضية، ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ﴾ [النحل: ٣٣] بتعذيبهم، ﴿وَلكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [النحل: ٣٣] بإقامتهم على الشرك.
﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا﴾ [النحل: ٣٤] أي جزاؤها، قال ابن عباس: جزاء ما عملوا من الشرك.
وحاق أحاط بهم، ﴿مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [النحل: ٣٤] من العذاب.
{وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ