للبعث حقا، ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٣٨] يعني المشركين.
ليبين لهم بالبعث، ﴿الَّذِي﴾ [النحل: ٣٩] اختلفوا، فيه مع المؤمنين وذهبوا فيه إلى خلاف ما ذهب إليه المؤمنون، ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ﴾ [النحل: ٣٩] فيما أقسموا من أنه لا بعث.
ثم أخبر بقوته وقدرته على البعث فقال: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ﴾ [النحل: ٤٠] الآية، قال الزجاج: أعلمهم الله سهولة خلق الأشياء عليه، فأخبر أنه متى أراد الشيء كان.
وهذا كقوله: ﴿فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [غافر: ٦٨] وقد تقدم تفسيره، وقراءة أكثر القراء فيكون بالرفع على معنى فهو يكون، وقرأ ابن عامر فيكون نصبا، عطفا على أن يقول فيكون.
قوله: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ﴾ [النحل: ٤١] نزلت في قوم أذاهم المشركون وعذبوهم بمكة، منهم صهيب، وبلال، وخباب، ومعنى هاجروا في الله هاجروا في رضا الله وطلب ثوابه.
وقوله: ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾ [النحل: ٤١] أي دارا حسنة، أو بلدة حسنة، وهي المدينة في قول مجاهد، والشعبي، والحسن، وقتادة، ﴿وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤١] قال عطاء، عن ابن عباس: يريد أن أمر الجنة أكبر وأعظم من أن يعلمه أحد ويقدر على صفته أحد.
ثم أثنى عليهم ومدحهم بالصبر، فقال: ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ [النحل: ٤٢] أي: على دينهم لم يتركوه بمشقة وجهد أصابهم، وهم في ذلك واثقون بربهم متوكلون عليه، وهو قوله: ﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [النحل: ٤٢].
قوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {٤٣﴾ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٤٤﴾ } [النحل: ٤٣-٤٤] ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٣] قال المفسرون: إن مشركي مكة أنكروا نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا، فهلا بعث إلينا ملكا؟ فقال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ﴾ [النحل: ٤٣] أي إلى الأمم الماضية إلا رجالا آدميين لا ملائكة، أعلم الله أن الرسل كانوا بشرا، إلا أنهم يوحى إليهم، وقوله: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣] يعني أهل الكتاب، قال الزجاج: فاسألوا أهل الكتاب.
وذلك أن أهل الكتب يعترفون أن الأنبياء بشر كلهم.
وقوله: ﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ [النحل: ٤٤] أي أرسلناهم، يعني الأنبياء بالحجج الواضحة والكتب، ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ﴾ [النحل: ٤٤] يعني القرآن، {لِتُبَيِّنَ