حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣] هذا يدل على أن دين محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دين إبراهيم، حيث أمر باتباعه لسبقه إلى القول بالحق والعمل به، وقال عبد الله بن عمر: وأمر باتباعه فِي مناسك الحج كما علم جبريل إبراهيم.
وقوله: ﴿إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ [النحل: ١٢٤] قال عطاء، عن ابن عباس: تهاونوا وصادوا فِيهِ وتعدوا.
وقال قتادة: استحله بعضهم، وحرمه بعضهم.
واختلافهم استحلالهم الصيد زمن داود يعني أهل أيلة، فجعل السبت عليهم، حيث عوقبوا بترك تحريمه، وهم الذين خالفوا أهل الحق فِي استحلال السبت، ثم ذكر بباقي الآية أنه يحكم بينهم يوم القيامة.
قوله: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {١٢٥﴾ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرينَ ﴿١٢٦﴾ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴿١٢٧﴾ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴿١٢٨﴾ } [النحل: ١٢٥-١٢٨] ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾ [النحل: ١٢٥] قال ابن عباس: دين ربك.
بالحكمة يعني النبوة، والموعظة الحسنة يعني مواعظ القرآن، وجادلهم أقبل على المشركين، واصرفهم عما هم عليه من الشرك، ﴿بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥] أي: ألن لهم جانبك، ولا تكن فظا عليهم، ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ﴾ [النحل: ١٢٥] إلى آخرها، أي: الله أعلم بالفريقين، فهو يأمرك فِيهمَا بما فِيهِ الصلاح.
قوله: وإن عاقبتم الآية،
٥٣٣ - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَاعِظُ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْحَافِظُ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، نا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ، نا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، نا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَشْرَفَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى حَمْزَةَ فَرَآهُ صَرِيعًا، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا كَانَ أَوْجَعَ لِقَلْبِهِ مِنْهُ، فَقَالَ: «وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّ بِكَ سَبْعِينَ مِنْهُمْ»، فَنَزَلَتْ ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا﴾ الآيَةَ
وهذا قول عامة المفسرين، قالوا: نزلت لما نظر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى حمزة يوم أحد، وقد مثل به، فقال: والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك.
فنزل جبريل، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واقف بعد، بخواتيم ﴿ [النحل، فصبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمسك عما أراد، وكفر عن يمينه.
ثم أمره بالصبر عزما، فقال:] وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ﴾
[سورة النحل: ١٢٧] أي بتوفيقه ومعونته، ﴿وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ [النحل: ١٢٧] على قتلى أحد، فإنهم أفضوا إلى رحمة الله، ويقال: ولا تحزن على المشركين بإعراضهم عنك، ﴿وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾ [النحل: ١٢٧] قال الفراء: الضيق ما ضاق عنه صدرك، والضيق ما يكون فِي الذي يتسع مثل الدار


الصفحة التالية
Icon