قاسته الأم في حمل الولد، ووضعه، فقال:] حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا} [سورة الأحقاف: ١٥] يعني: حين أثقلت، وثقل عليها الولد، ووضعته كرهًا قال ابن عباس: يريد شدة الطلق.
﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥] يريد: أن مدة حمله إلى أن فصل من الرضاع، كانت هذا القدر، روى عكرمة، عن ابن عباس، أنه قال: إذا حملت المرأة تسعة أشهر، أرضعته واحدًا وعشرين شهرًا، وإذا حملته ستة أشهر، أرضعته أربعة وعشرين شهرًا.
وقال مقاتل، وعطاء، والكلبي، عن ابن عباس: هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضى الله عنه، وكان حمله وفصاله هذا القدر.
ويدل على صحة هذا قوله: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ [الأحقاف: ١٥] إلى آخر الآية، وقد علمنا أن كثيرًا من الناس ممن بلغ هذا المبلغ لم يكن منه هذا القول، وهو ما ذكر الله تعالى عنه ﴿قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي﴾ [الأحقاف: ١٥] إلى آخر الآية، فدل على أنه إنسان بعينه، وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ومعنى قوله: بلغ أشده قال عطاء: يريد ثماني عشرة سنة.
وذلك أنه صحب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثماني عشرة سنة، والنبي ابن عشرين سنة، في تجارته إلى الشام، فكان لا يفارقه في أسفاره وحضوره، فلما بلغ أربعين سنة، ونبئ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا ربه، فقال: رب أوزعني ألهمني، ﴿أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾ [الأحقاف: ١٥] بالهداية والإيمان، حتى لا أشرك بك، وعلى والدي أبي قحافة عثمان بن عمرو، وأم الخير بنت صخر بن عمرو، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هذه الآية في أبي بكر رضي الله عنه، أسلم أبواه جميعًا، ولم يجتمع لأحد من الصحابة، رضي الله عنهم، المهاجرين أبواه غيره، وأوصاه الله بهما، ولزم ذلك من بعده.
وقوله: ﴿وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ﴾ [الأحقاف: ١٥] قال ابن عباس: