مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ ﴿١٣﴾ } [محمد: ١٠-١٣].
أفلم يسيروا إلى قوله: وللكافرين أمثالها أي: أمثال عاقبة الأولين، من إهلاكهم بالعذاب، والتدمير عليهم.
ثم ذكر سبب نصر المؤمنين، فقل: ذلك النصر، ﴿بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [محمد: ١١] وليهم، وناصرهم، ﴿وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ﴾ [محمد: ١١] لا ولي، ولا ناصر لهم.
٨٤١ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، أنا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ، نا الْعَسْكَرِيُّ، نا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ الْكَوَّاءِ: مَنْ رَبُّ النَّاسِ؟ قَالَ: اللَّهُ، قَالَ: فَمَنْ مَوْلَى النَّاسِ؟ قَالَ: اللَّهُ، قَالَ: كَذَبْتَ، اللَّهُ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَإِنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ
ثم ذكر ما للفريقيين، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [محمد: ١٢] إلى قوله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ﴾ [محمد: ١٢] أي: في الدنيا، ﴿وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ﴾ [محمد: ١٢] تأكل وتشرب، ولا تدري ما في غد، كذلك الكفار لا يلتفتون إلى الآخرة، ﴿وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾ [محمد: ١٢] منزل، ومقام، ومصير.
ثم خوفهم ليحذروا، فقال: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ﴾ [محمد: ١٣] يعني: مكة، التي أخرجتك أخرجك أهلها، الكلام على القرية والمراد الأهل، قال ابن عباس: كم من رجال هم أشد من أهل مكة.
ولهذا قال: أهلكناهم فكنى عن الرجال، قال مقاتل: أي: بالعذاب حين كذبوا رسولهم.
﴿فَلا نَاصِرَ لَهُمْ﴾ [محمد: ١٣] قال ابن عباس: لم يكن لهم ناصر.
ثم ذكر ما بين المؤمن والكافر، فقال: ﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ {١٤﴾ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴿١٥﴾ } [محمد: ١٤-١٥].
﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [محمد: ١٤] يقين من دينه، ﴿كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ [محمد: ١٤] يعني: عبادة الأوثان، واتبعوا أهواءهم في عبادتها.
ثم وصف الجنات التي وعدها المؤمنين بقوله: مثل الجنة أي: صفتها، وقد تقدم تفسير هذا في ﴿ [الرعد،] الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ [سورة محمد: ١٥] قال الكلبي، ومقاتل: هم أمة النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتقون الشرك.
﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ [محمد: ١٥] يقال: أسن الماء، يأسن ويأسن أسنًا وأسنًا وأسونا إذا تغير، وهو الذي لا يشربه أحد من نتنه فهو آسن وأسن، مثل حاذر وحذر، ﴿وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ﴾ [محمد: ١٥] لم يحمض، كما يتغير ألبان أهل الدنيا، لأنها لم تخرج من ضروع الإبل والغنم،