﴿فَلا تَهِنُوا﴾ [محمد: ٣٥] لا تضعفوا، ﴿وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ﴾ [محمد: ٣٥] لا تدعوا الكفار إلى الصلح ابتداء، قال الزجاج: منع الله المسلمين أن يدعوا الكفار إلى الصلح، وأمرهم بحربهم حتى يسلموا.
وأنتم الأعلون الغالبون، قال الكلبي: آخر الأمر لكم، وإن غلبوكم في بعض الأوقات.
والله معكم بالعون، والنصرة على عدوكم، ﴿وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٥] لن ينقصكم شيئًا من ثواب أعمالكم، يقال: وتره يتره وترًا، وترة إذا نقصه حقه، قال مقاتل بن حيان: لن يظلمكم أعمالكم الصالحة.
أي: يؤتيكم أجورهم.
ثم حض على طلب الآخرة، فقال: ﴿إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ [محمد: ٣٦] باطل وغرور، وتفنى وتزول عن قريب، وإن تؤمنوا بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتتقوا الفواحش والكبائر، يؤتكم أجوركم بجزاء أعمالكم في الآخرة، ﴿وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٦] كلها في الصدقة.
﴿إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ﴾ [محمد: ٣٧] يجهدكم بمسألة جميعها، يقال: أحفى فلان فلانًا إذا أجهده، وألحف عليه بالمسألة، تبخلوا بها فلا تعطوها، قال السدي: إن يسألكم جميع ما في أيديكم ﴿تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ﴾ [محمد: ٣٧] ويظهر بغضكم، وعداوتكم لله ورسوله، ولكنه فرض عليكم يسيرًا: ربع العشر.
قال قتادة: علم الله تعالى أن في مسألة الأموال خروج الأضغان.
﴿هَأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [محمد: ٣٨] يعني: ما فرض عليهم في أموالهم، أي: إنما تؤمرون بإخراج ذلك، وإنفاقه في طاعة الله، ﴿فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ﴾ [محمد: ٣٨] بما فرض عليه من الزكاة، ﴿وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [محمد: ٣٨] قال مقاتل: إنما يبخل بالخير، والفضل في الآخرة عن نفسه.
والله الغني عما عندكم من الأموال، وأنتم الفقراء إليه، وإلى ما عنده من الخير والرحمة، وإن تتولوا عن الإسلام، وعما افترضت عليكم من حقي، ﴿يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ [محمد: ٣٨] أمثل، وأطوع لله منكم، ﴿ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٨] بل يكونون خيرًا منكم وأطوع، قال الكلبي: لم يتولوا، ولم يستبدل بهم.
٨٤٦ - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، نا جَدِّي، أنا عَلِيُّ بْنُ