﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {٤﴾ لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا ﴿٥﴾ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴿٦﴾ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿٧﴾ } [الفتح: ٤-٧].
﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الفتح: ٤] الطمأنينة والوقار، لئلا تنزعج نفوسهم بما يرد عليهم، وذلك لأنهم يجدون برد اليقين في قلوبهم، ﴿لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾ [الفتح: ٤] وهو أنهم كلما أمروا بشيء من الشرائع والفرائض، كالصلاة، والصيام، والصدقة صدقوا به، فازدادوا تصديقًا، وذلك السكينة التي أنزلها الله في قلوبهم، وقال الكلبي: كلما نزلت آية من السماء فصدقوا بها، ازدادوا تصديقًا، وذلك بالسكينة إلى تصديقهم.
﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الفتح: ٤] قال ابن عباس: يعني: الملائكة، والجن، والإنس، والشياطين.
﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا﴾ [الفتح: ٤] بما في قلوب عباده، حكيمًا في حكمه وتدبيره.
﴿لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ [الفتح: ٥].
٨٥١ - أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَدِينِيُّ، نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا {١﴾ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: ١-٢] قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَنِيئًا لَكَ مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ، فَمَا لَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ [الفتح: ٥]
وقوله: وكان ذلك أي: ذلك الوعد بإدخالهم الجنة، وتكفير سيئاتهم، عند الله في حكمه، فوزًا عظيمًا لهم، أي: حكم لهم بالفوز، فلذلك


الصفحة التالية
Icon