ولم يكونوا مؤمنين في السر، إنما كانوا يطلبون الصدقة، والمعنى: أنهم يقولون: صدقنا ما جئت به.
﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا﴾ [الحجرات: ١٤] لم تصدقوا، ﴿وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات: ١٤] انقدنا واستسلمنا، مخافة القتل والسبي، ثم بين أن الإيمان محله القلب لا اللسان، بقوله: ﴿وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: ١٤].
قال الزجاج: الإسلام إظهار الخضوع، وقبول ما أتى به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبذلك يحقن الدم، فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد، وتصديق بالقلب، فذلك الإيمان وصاحبه المؤمن.
وقد أخرج هؤلاء من الإيمان بقوله: ﴿وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: ١٤] أي: لم تصدقوا، إنما أسلمتم تعوذًا من القتل.
٨٧٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ التَّمِيمِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، نا عَلِيُّ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِسْلامُ عَلانِيَةٌ وَالْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ، وَأَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ»
﴿وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [الحجرات: ١٤] قال ابن عباس: تخلصوا الإيمان.
﴿لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا﴾ [الحجرات: ١٤] وقرأ أبو عمرو لا يألتكم بالألف، من ألت يألت ألتا إذا نقص، ويقال أيضًا: لات يليت ليتا بهذا المعنى، قال ابن عباس، ومقاتل: لا ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئًا.
ثم نعت الصادقين في إيمانهم، فقال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾ [الحجرات: ١٥] لم يشكوا في دينهم بعد الإيمان، ﴿وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الحجرات: ١٥] وذلك أن الجهاد مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ


الصفحة التالية
Icon