والنخل باسقات طوالًا، يقال: بسقت النخلة بسوقًا إذا طالت، لها طلع وهو: أول ما يظهر من ثمر النخل قبل أن ينشق، نضيد منضود بعضه على بعض، وذلك قبل أن ينفتح وهو نضيد في أكمامه، فإذا خرج من أكمامه فليس بنضيد.
رزقًا للعباد أي: أنبتنا هذه الأشياء للرزق، ﴿وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا﴾ [ق: ١١] يعني: بالمطر أنبتنا الكلأ، كذلك الخروج من القبور، أي: كما خلقنا هذه الأشياء نبعثكم.
ثم ذكر الأمم المكذبة، تخويفًا لكفار مكة، فقال: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ {١٢﴾ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ﴿١٣﴾ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ﴿١٤﴾ أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴿١٥﴾ } [ق: ١٢-١٥].
﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ﴾ [ق: ١٢] إلى قوله: وقوم تبع وهو: تبع الحميري، الذي ذكر في قوله: ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ﴾ [الدخان: ٣٧]، كل من هؤلاء المذكورين: ﴿كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ﴾ [ق: ١٤] أي: وجب عليهم عذابي، وحقت عليهم كلمة العذاب.
ثم أنزل جوابًا لقولهم: ﴿ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾ [ق: ٣] :﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ﴾ [ق: ١٥] يعني: أعجزنا حين خلقناهم أولًا ولم يكونوا شيئًا؟ فكيف نعجز عن بعثهم؟ وهذا تقرير لهم، لأنهم اعترفوا بأن الله هو الخالق، وأنكروا البعث، ويقال لكل من عجز عن شيء: عيي به.
ثم ذكر أنهم في شك من البعث بعد الموت، فقال: ﴿بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [ق: ١٥] أي: في ضلال وشك عن إعادة الخلق جديدًا.
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ {١٦﴾ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴿١٧﴾ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴿١٨﴾ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴿١٩﴾ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ﴿٢٠﴾ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ﴿٢١﴾ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴿٢٢﴾ } [ق: ١٦-٢٢].
قوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ﴾ [ق: ١٦] ابن آدم، ﴿وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ [ق: ١٦] يحدث به قلبه، أي: نعلم ما يخفي، ويكن في نفسه، ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ﴾ [ق: ١٦] بالعلم، ﴿مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق: ١٦] وهو عرق يتفرق في البدن،