الإنسان، وتغلب على عقله، بالحق قال مقاتل: يعني: أنه حق كائن.
ويقال لمن جاءته سكرة الموت: ذلك أي: ذلك الموت، ﴿مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق: ١٩] تهرب وتميل، يقال: حاد عنه يحيد حيدًا إذا مال عنه.
قال أبو عباس: تكره.
﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ [ق: ٢٠] يعني: نفخة البعث، ذلك اليوم، يوم الوعيد قال مقاتل: يعني بالوعيد: العذاب في الآخرة.
والمعنى: ذلك يوم وقوع الوعيد.
وجاءت في ذلك اليوم، ﴿كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ﴾ [ق: ٢١] يسوقها إلى المحشر، وشهيد يشهد عليها بما عملت، قال الكلبي: السائق هو الذي كان يكتب عليه السيئات، والشهيد الذي كان يكتب الحسنات.
والمراد بالنفس ههنا: نفس الكافر، يدل عليه قوله: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا﴾ [ق: ٢٢] أي: يقال له: لقد كنت في غفلة من هذا اليوم في الدنيا، ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ﴾ [ق: ٢٢] الذي كان في الدنيا يغشي قلبك، وسمعك، وبصرك، ﴿فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق: ٢٢] فأنت اليوم عالم، نافذ البصر، تبصر ما كنت تنكر في الدنيا.
﴿وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ {٢٣﴾ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴿٢٤﴾ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ﴿٢٥﴾ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ﴿٢٦﴾ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ ﴿٢٧﴾ قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ﴿٢٨﴾ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ﴿٢٩﴾ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ﴿٣٠﴾ } [ق: ٢٣-٣٠].
وقال قرينه يعني: الملك الذي كان يكتب عمله السيئ في الدنيا، يقول لربه: كنت وكلتني به، وقد أحضرته.
وهو قوله: ﴿هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ [ق: ٢٣] يعني: الشخص الذي أتى به، وما بمعنى من، وهذا قول مجاهد، وقال ابن قتيبة: يعني: ديوان أعماله، وما كتبه عليه، يقول: ما كتبته من عمله، حاضر عندي.
يقول الله تعالى: ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ﴾ [ق: ٢٤] هذا خطاب للواحد بلفظ الثنية على عادة العرب، يقولون للواحد: ارحلاها وازجراها.
والخطاب لخازن النار، وقال الزجاج: هذا أمر للملكين الموكلين به، وهما السائق والشهيد.
كل كفار للنعم، عنيد مجانب للإيمان.
مناع للخير لا يبذل خيره، ولا يعطي في حق الله، معتد آثم ظالم، لا يقر بتوحيد الله، مريب شاك في الحق، وهو توحيد الله، من قولهم: أراب الرجل إذا صار ذا ريب.
قال قرينه يعني: شيطانه، ﴿رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ﴾ [ق: ٢٧] ما أضللته، وما أغويته، أي: لم أتول ذلك من نفسي، ولكنه كان في الدنيا في ضلال بعيد عن الحق، بخذلانك إياه، وذلك أن شيطانه يعتذر إلى ربه، فيقول: لم تكن لي قوة أن أضله بغير سلطانك.
ومعنى: ضلال بعيد طويل، لا يرجع عنه إلى الحق.
فيقول الله تعالى: ﴿لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ﴾ [ق: ٢٨] وذكر الله اختصامهم في { [الصافات عند قوله:] وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ