نَزَلَتْ ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ﴾ [الذاريات: ٥٤] لَمْ يَبْقَ مِنَّا أَحَدٌ إِلا أَيْقَنَ بِالْهَلَكَةِ إِذْ أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَوَلَّى عَنْهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات: ٥٥] طَابَتْ أَنْفُسُنَا
قال مقاتل: عظ كفار مكة.
﴿فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات: ٥٥] أي: من علم الله تعالى أن يؤمن منهم، وقال الكلبي: عظ بالقرآن من آمن من قومك، فإن الذكرى تنفعهم.
قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ {٥٦﴾ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ﴿٥٧﴾ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴿٥٨﴾ فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ ﴿٥٩﴾ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ﴿٦٠﴾ } [الذاريات: ٥٦-٦٠].
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦] قال المفسرون: هذا خاص لأهل طاعته، يعني: من آمن من الفريقين، وهذا قول الكلبي، والضحاك، واختيار الفراء، وابن قتيبة، والدليل على صحة هذا ما
٨٨٤ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، نا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ، نا أَبُو وَهْبٍ الشَّامِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْقَافْلانِيِّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِلا لِيَعْبُدُونَ
وقال أهل المعاني: إلا ليخضعوا لي، ويتذللوا.
ومعنى العبادة في اللغة: الذل والانقياد، وكل مخلوق من الإنس والجن خاضع لقضاء الله، متذلل لمشيئته، خلقه على ما أراد، ورزقه كما قضى، لا يملك أحد لنفسه خروجًا عما خلق عليه.
﴿مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ﴾ [الذاريات: ٥٧] أن يرزقوا أحدًا من خلقي، ولا أن يرزقوا أنفسهم، ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾ [الذاريات: ٥٧] أن يطعموا أحدًا، فقد أطعمه، وهذا كما يروى أن الله تعالى، يقول:


الصفحة التالية
Icon