إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: أَتَيْتُ دَارَةَ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، فَأَلْقَيْتُ عَلَى مَحَبَّةٍ مِنْهُ، وَعِنْدَهُ شَبَابٌ، فَقَالُوا لِي: سَلْهُ ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [النجم: ٩] فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جِبْرِيلَ وَلَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ كِلاهُمَا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
قوله: ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ [النجم: ١٠] قال ابن عباس في رواية عطاء، والكلبي: أوحى جبريل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أوحى الله إليه.
وقال قتادة: يوحي الله إلى جبريل، ويوحي جبريل إلى محمد صلى الله عليهما.
قوله: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [النجم: ١١] يقال: كذبه، إذا قال له الكذب ولم يصدقه، قال المبرد: معنى الآية: أنه رأى شيئًا فصدق فيه.
وقال أبو الهيثم: ما رأى بمعنى: الرؤية، تقول: ما أوهمه الفؤاد أنه رأى ولم ير، بل صدقه الفؤاد رؤيته.
وما رأى مصدر في موضوع النصب، لأنه مفعول كذب، وهذا إخبار عن رؤية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة المعراج ربه، قال ابن عباس: رأى محمد ربه بفؤاده، ولم يره بعينه.
ويكون ذلك على أن الله تعالى جعل بصره في فؤاده، أو خلق لفؤاده بصرًا، حتى رأى ربه رؤية غير كاذبة، كما ترى بالعين، ومذهب جماعة من المفسرين: أنه رآه بعينه.
وهو قول أنس، وعكرمة، والحسن، وكان يحلف بالله: لقد رأى محمد ربه.
فكل هؤلاء أثبتوا رؤية صحيحة: إما بالعين، وإما بالفؤاد، ومذهب عبد الله بن مسعود، وعائشة رضي الله عنهما في هذه الآية: أنه رأى جبريل في صورته التي خلق عليها.
وقرأ ابن عامر ما كذب بالتشديد، وقال المبرد: في هذه القراءة بعد، لأنه إذا رأى بقلبه، فقد


الصفحة التالية
Icon