مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ سَادًّا خَلْقُهُ مَا بَيْنَهُمَا
وعلى قول ابن عباس معنى: نزلة أخرى هو: أنه كانت للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرجات في تلك الليلة، لما استحط ربه من أعداد الصلوات المفروضة، فيكون لكل عرجة نزلة، فرأى ربه في بعض تلك النزلات.
قوله: ﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى {١٢﴾ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ﴿١٣﴾ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ﴿١٤﴾ عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ﴿١٥﴾ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ﴿١٦﴾ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴿١٧﴾ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴿١٨﴾ } [النجم: ١٢-١٨].
﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى﴾ [النجم: ١٢] قال جماعة من المفسرين: أفتجادلونه.
وذلك أنهم جادلوه حين أسري به، فقالوا: صف لنا مسجد بيت المقدس، وأخبرنا عن عيرنا في طريق الشام، وغير ذلك مما جادلوه به، والمعنى: أفتجادلونه جدالًا، ترومون به دفعه عما علمه وشاهده؟ ومن قرأ: أفتمرونه كان معناه: أفتجحدونه، يقال: مريت الرجل حقه إذا جحدته، قال المبرد: أي: أفتدفعونه عما يرى.
وعلى في موضع عن، والمعنيان متقاربان، لأن مجادلتهم جحود، وكل مجادل جاحد.
﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم: ١٣] رأى جبريل في صورته التي خلق عليها، نازلًا من السماء نزلة أخرى، وذلك أنه رآه في صورته مرتين على ما ذكرنا.
﴿عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾ [النجم: ١٤] يعني: رآه محمد وهو عند سدرة المنتهى، وقال الكلبي، ومقاتل: هي شجرة عن يمين العرش، فوق السماء السابعة، انتهى إليها علم كل ملك.
٨٩٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْمَنْصُورِيُّ، أنا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، نا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، نا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَمَّا رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ نَبْقُهَا مِثْلُ قِلالِ هَجَرَ وَوَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ، يَخْرُجُ مِنْ سَاقِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَفِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ "
وقال عبد الله بن مسعود: إليها ينتهي ما يصعد به من الأرض فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها.
والمنتهى: موضوع الانتهاء، وهذه الشجرة حيث تنتهي إليها الملائكة،


الصفحة التالية
Icon