فَأَخَذْنَاهُمْ} [القمر: ٤٢] بالعذاب، أخذ عزيز غالب في انتقامه، مقتدر قادر على إهلاكهم.
ثم خوف كفار مكة، فقال: أكفاركم يا معشر العرب، خير أشد وأقوى، من أولئكم وهذا استفهام معناه: الإنكار، أي: ليسوا أقوى من قوم نوح، وعاد، وثمود وقد أهلكناهم، ﴿أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ﴾ [القمر: ٤٣] يقول: ألكم براءة من العذاب في الكتب، أنه لن يصيبكم ما أصاب الأمم الخالية.
﴿أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ﴾ [القمر: ٤٤] قال الكلبي: نحن جميع أمرنا ننتصر من أعدائنا.
والمعنى: نحن يد واحدة على من خالفنا، ننتصر ممن عادانا، فيدلون بقوة واجتماع عليك، ووحد المنتصر للفظ الجميع وهو واحد في اللفظ، وإن كان اسمًا للجماعة، كالرهط والجيش.
قال الله تعالى: سيهزم الجمع يعني: جميع كفار مكة، ويولون الدبر ينهزمون، فيولونكم أدبارهم في الهزيمة، أخبر الله تعالى نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه يظهره عليهم ويهزمهم، فكانت هذه الهزيمة يوم بدر.
ثم قال: ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ﴾ [القمر: ٤٦] يعني: أن موعد الجميع للعذاب يوم القيامة، والساعة أدهى أعظم في الضر، وأفظع من الدهاء، وهو النكر والفظاعة، وأمر أشد مرارة من القتل، والأسر في الدنيا.
﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ {٤٧﴾ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ﴿٤٨﴾ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴿٤٩﴾ وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ﴿٥٠﴾ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴿٥١﴾ وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ ﴿٥٢﴾ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ ﴿٥٣﴾ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ﴿٥٤﴾ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴿٥٥﴾ } [القمر: ٤٧-٥٥].
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ﴾ [القمر: ٤٧].
١١٤٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّرَّاجُ إِمْلاءً، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْكَعْبِيُّ، نا حَمْدَانُ بْنُ صَالِحٍ الأَشَجُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ التَّمِيمِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، نا عَبْدَانُ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَاصِمُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَدَرِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ﴾ [القمر: ٤٧] {يَوْمَ يُسْحَبُونَ