بكم في زرعكم.
وهو قول عطاء، والكلبي، ومقاتل، قال: ويقال: معناه: تندمون.
وهو قول عكرمة، وقتادة، والحسن، وقال أبو عمرو، والكسائي: هو التلهف على ما فات.
ويقولون: إنا لمغرمون المغرم: الذي ذهب ماله بغير عوض، تقولون: إنا قد غرمنا الحب الذي بذرناه، فذهب من غير عوض.
وهو قوله: ﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ [الواقعة: ٦٧] حرمنا ما كنا نطلبه من الريع في الزرع، وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ﴾ [الواقعة: ٧١] تستخرجونها وتقدحونها، يقال: أوريت النار إذا قدحتها.
﴿أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا﴾ [الواقعة: ٧٢] التي تقدح منها، ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً﴾ [الواقعة: ٧٣] قال عطاء: موعظة ليتعظ بها المؤمن.
وقال عكرمة، ومجاهد، ومقاتل: جعلنا النار تذكرة للنار الكبرى.
أي: إذا رآها الرائي، ذكر جهنم وما يخافه من العذاب، فذكر الله، واستجار به منها، ﴿وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ﴾ [الواقعة: ٧٣] المقوي: الذي ينزل بالقوى، وهي الأرض الخالية، والمعنى: ينتفع بها أهل البوادي والأسفار، النازلين في الأرض القي، ومنفعتهم بما بها أكثر من منفعة المقيم، وذلك أنهم يوقدونها ليلًا لتهرب منهم السباع، ويهتدي بها الضال من الطريق، وقال عكرمة، ومجاهد: للمقوين: للمستمتعين بها من الناس أجمعين، المسافرين والحاضرين، يستضيئون بها في الظلمة، ويصطلون من البرد، وينتفعون بها في الطبخ والخبز.
وعلى هذا القول المقوي من الأضداد، يقال للفقير: مقو، لخلوه من المال، وللغني: مقو، لقوته على ما يريد، يقال: أقوى الرجل إذا صار إلى حالة القوة، والمعنى: ومتاعًا للأغنياء والفقراء، وذلك لأنه لا غنى لأحد عنها.
ولما ذكر الله تعالى ما يدل على توحيده، وما أنعم به عليهم، قال: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [الواقعة: ٧٤] أي: فبرئ الله مما يقولون في وصفه.
﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ {٧٥﴾ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴿٧٦﴾ إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ ﴿٧٧﴾ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ﴿٧٨﴾ لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ ﴿٧٩﴾ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٨٠﴾ أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ ﴿٨١﴾ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴿٨٢﴾ } [الواقعة: ٧٥-٨٢].


الصفحة التالية
Icon