الأَرْضِ} [سورة الحديد: ٤] وهو مفسر في ﴿ [سبأ، إلى قوله:] وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ [سورة الحديد: ٤] يعني: بالعلم والقدرة، فليس يخلو أحد من تعلق علم الله، وقدرته به، أين ما كان من أرض، وسماء، وبر، وبحر، وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ {٧﴾ وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿٨﴾ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿٩﴾ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴿١٠﴾ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴿١١﴾ } [الحديد: ٧-١١].
﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الحديد: ٧] يخاطب كفار قريش، ﴿وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ [الحديد: ٧] يعني: المال الذي كان بيد غيرهم، فأهلكهم الله، وأعطى قريشًا ذلك المال، وكانوا فيه خلفاء عمن مضوا، ثم ذكر ثواب من أنفق في سبيل الله، بقوله: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ [الحديد: ٧].
﴿وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [الحديد: ٨] هذا استفهام إنكار، أي: أي شيء لكم من الثواب في الآخرة إذا لم تؤمنوا بالله؟ ﴿وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ﴾ [الحديد: ٨] حين أخرجكم من ظهر آدم، ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الحديد: ٨] بالحجة والدليل، فقد بان وظهر على يد محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببعثه، وإنزال القرآن عليه، ويدل على هذا قوله: ﴿هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ﴾ [الحديد: ٩] محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آيات بينات يعني: القرآن، ليخرجكم من ظلمات الشرك إلى نور الإيمان، ﴿وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحديد: ٩] حين بعث الرسول، ونصب الأدلة.
ثم حثهم على الإنفاق، فقال: ﴿وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الحديد: ١٠] يقول: أي شيء لكم في ترك الإنفاق فيما يقرب من الله تعالى، وأنتم ميتون تاركون أموالكم، ثم بين فضل من سبق بالإنفاق في سبيل الله، فقال: ﴿لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ﴾ [الحديد: ١٠] يعني: فتح مكة، قال مقاتل: لا يستوي في الفضل من أنفق ماله، وقاتل العدو من قبل فتح مكة، مع من أنفق من بعد وقاتل.
قال الكلبي، في رواية محمد بن فضيل: نزلت في أبي بكر رضوان الله عليه، يدل على هذا أنه كان أول من أنفق المال على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سبيل الله، وأول من قاتل على الإسلام.
قال ابن مسعود: أول من أظهر إسلامه بسيفه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر رضي الله عنه، وقد شهد


الصفحة التالية
Icon