قال ابن مسعود: لم يكن بين إسلامهم وبين أن أعلمهم الله بهذه الآية إلا أربع سنين.
وقال الزجاج: نزلت في طائفة من المؤمنين، حثوا على الرقة والخشوع، فأما من وصفهم الله تعالى بالرقة والخشوع فطبقة من المؤمنين فوق هؤلاء.
﴿وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾ [الحديد: ١٦] يعني: القرآن، ومن قرأ بالتخفيف فالمعنى فيهما واحد، لأنه لا ينزل إلا بأن ينزله الله تعالى، ﴿وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ﴾ [الحديد: ١٦] يعني: اليهود والنصارى، ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ﴾ [الحديد: ١٦] الزمان بينهم وبين أنبيائهم، ﴿فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الحديد: ١٦] قال ابن عباس: مالوا إلى الدنيا، وأعرضوا عن مواعظ الله.
والمعنى: أنه ينهى المؤمنين أن يكونوا في صحبة القرآن كاليهود والنصارى، الذين قست قلوبهم لما طال عليهم الدهر، ولهذا قال القرظي: يجب أن يزداد المؤمن إيمانًا، ويقينًا، وإخلاصًا في طول صحبة الكتاب.
١١٦٧ - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ أَحْمَدَ الصُّوفِيُّ، أنا أَبُو عَلِيٍّ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو الْوَلِيدِ، نا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَ أَبُو مُوسَى إِلَى قُرَّاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ ثَلاثُ مِائَةِ رَجُلٍ قَدْ قَرَأُوا الْقُرْآنَ، فَقَالَ: أَنْتُمْ خِيَارُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَقُرَّاؤُهُمْ، فَاتْلُوهُ وَلا يَطُولَنَّ الأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ كَمَا قَسَتْ قُلُوبُ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ
﴿وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [الحديد: ١٦] يعني: الذين تركوا الإيمان بعيسى ومحمد عليهما السلام.
﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ {١٨﴾ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴿١٩﴾ } [الحديد: ١٨-١٩].