فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا مَمْلُوكٍ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، فَلَهُ أَجْرَانِ، قَالَ عَبْدَةُ: قَالَ صَالِحٌ: قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: أَعْطَيْتُكُمَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ الرَّاكِبُ لَيَرْكَبُ فِيمَا دُونَهَا إِلَى الْمَدِينَةِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيّ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِد.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هُشَيْمٍ، وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَة، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَان كُلُّهُمْ عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحٍ.
ولما نزلت هذه الآية، وآمن من آمن من أهل الكتاب، حسدهم الذين لم يؤمنوا، فأنزل الله تعالى قوله: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ﴾ [الحديد: ٢٩] أي: لأن يعلم، ولا صلة، أهل الكتاب يعني: الذين لم يؤمنوا بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحسدوا المؤمنين منهم، ﴿أَلا يَقْدِرُونَ﴾ [الحديد: ٢٩] أنهم لا يقدرون، ﴿عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الحديد: ٢٩] والمعنى: جعلنا الأجرين لمن آمن بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليعلم الذين لم يؤمنوا أنهم لا أجر لهم، ولا نصيب لهم في فضل الله، ﴿وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [الحديد: ٢٩] فآتى المؤمنين منهم أجرين، ﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الحديد: ٢٩] يتفضل على من يشاء من عباده المؤمنين، وهذه الآية مشكلة ليس للمفسرين، ولا لأهل المعاني فيها بيان ينتهي إليه، ويلقى به بين هذه الآية والتي قبلها، وأقوالهم مختلفة متدافعة، وقد بان واتضح المعنى فيما ذكرنا، والله المحمود.