العراق، ولترك الطلاق كما قال الشافعي، وهو أول ما ينطلق عليه اسم العود، فوجب تعلق الحكم به، لأنه الظاهر، وما زاد عليه يعرف بدليل آخر.
وقال أبو العالية: إذا كرر اللفظ بالظهار كان عودًا، وإن لم يكرر لم يكن عودًا.
وإلى هذا ذهب أهل الظاهر: فجعلوا العود تكرير لفظ الظهار، واحتجوا بأن ظاهر قوله: ثم يعودون يدل على تكرير اللفظ، وقال أبو علي الفارسي: ليس في هذا ظاهر كما ادعوا، لأن العود قد يكون إلى شيء لم يكن عليه قبل، وسميت الآخرة المعاد، ولم يكن فيها أحد ثم صار إليها.
وقال الأخفش: تقدير الآية: والذين يظاهرون من نسائهم، فتحرير رقبة لما قالوا، ثم يعودون إلى نسائهم، أي: فعليهم تحرير رقبة لما نطقوا به من ذلك التحريم، والتقديم والتأخير كثير في التنزيل.
وقال ابن قتيبة: أجمع الناس على أن الظهار يقع بلفظ واحد، وتأويل قوله: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ [المجادلة: ٣] هو: أن أهل الجاهلية كانوا يطلقون بالظهار، فجعل الله حكم الظهار في الإسلام خلاف حكمه عندهم في الجاهلية، فقال: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ [المجادلة: ٣] يريد: في الجاهلية، ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ [المجادلة: ٣] في الإسلام.
﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ [المجادلة: ٣] أي: يجامعا، ﴿ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ﴾ [المجادلة: ٣] قال الزجاج: ذلكم: التغليظ في الكفارة.
توعظون به أي: أن غلظ الكفارة وعظ لكم، حتى تتركوا الظهار.
ثم ذكر حكم العاجز عن الرقبة، فقال: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ﴾ [المجادلة: ٤] أي: الرقبة، فصيام شهرين فعليه صيام شهرين، ﴿مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ﴾ [المجادلة: ٤] الصيام، فكفارته ﴿فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ﴾ [المجادلة: ٤] أي: الغرض من ذلك الذي وصفنا، ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [المجادلة: ٤] لتصدقوا بما أتى به الرسول، وتصدقوا أن الله أمر به،


الصفحة التالية
Icon