السورة سورة بني النضير،] لأَوَّلِ الْحَشْرِ} [سورة الحشر: ٢] كان جلاؤهم ذلك أول حشر إلى الشام، ثم يحشر الخلق يوم القيامة إلى الشام، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم: «اخرجوا».
قالوا: إلى أين؟ قال: «إلى أرض المحشر».
وقال الكلبي: إنهم كانوا أول من أجلي من أهل الذمة من جزيرة العرب، ثم أجلي آخرهم زمن عمر رضي الله عنه، فكان جلاؤهم أول حشر من المدينة.
ما ظننتم أيها المؤمنون، أن يخرجوا من ديارهم، لعزهم، ومنعتهم، وذلك أنهم كانوا أهل حصون، وعقار، ونخيل كثيرة، وحلقة، وظن بنو النضير أن حصونهم تمنعهم وذلك قوله: ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ﴾ [الحشر: ٢] أي: من سلطان الله، فأتاهم الله أي: أمر الله وعذابه، ﴿مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾ [الحشر: ٢] وهو أنه أمر نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتالهم، وإجلائهم، وكانوا لا يظنون أن ذلك يكون، ولا يحتسبونه، ﴿وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ [الحشر: ٢] بقتل سيدهم كعب بن الأشرف، ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحشر: ٢] وذلك: أنهم لما أيقنوا بالجلاء، حسدوا المسلمين أن يسكنوا منازلهم، فجعلوا يخربونها من داخل، والمسلمون من خارج، قال الزجاج: ومعنى تخريبها بأيدي المؤمنين: أنهم عرضوها لذلك.
وقرأه العامة: يخربون من الإخراب، وقرأ أبو عمرو مشددًا من التخريب، وهما واحد مثل فرحته وأفرحته، ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ﴾ [الحشر: ٢] معنى الاعتبار: النظر في الأمور ليعرف بها شيء آخر من جنسها، والمعنى: تدبروا وانظروا فيما نزل بهم يا أهل اللب، والعقل، والبصائر.
﴿وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ﴾ [الحشر: ٣] قضى عليهم أنهم يخرجون من أوطانهم إلى الشام وخيبر، ﴿لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا﴾ [الحشر: ٣] بالقتل، والسبي كما فعل بقريظة، ﴿وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ﴾ [الحشر: ٣] مع ما حل بهم في الدنيا، ذلك الذي لحقهم، ﴿بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [الحشر: ٤] خالفوهما ولم


الصفحة التالية
Icon