تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴿١٩﴾ لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿٢٠﴾ } [الحشر: ١٨-٢٠].
﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر: ١٨] يعني: ليوم القيامة، والمعنى: ينظر أحدكم أيش قدم ليوم القيامة لنفسه أعملًا صالحًا ينجيه؟ أم سيئًا يوبقه؟ ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ﴾ [الحشر: ١٩] تركوا أمر الله، فأنساهم أنفسهم حظوظ أنفسهم، حتى لم يعملوا بطاعة الله، ولم يقدموا كذلك خيرًا، قال ابن عباس: يريد: قريظة، والنضير، وبني قينقاع.
وهو قوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [الحشر: ١٩].
ثم ذكر فضيلة أصحاب الجنة بالآية التي بعد هذه.
﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {٢١﴾ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴿٢٢﴾ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٢٣﴾ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٢٤﴾ } [الحشر: ٢١-٢٤].
قوله: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ﴾ [الحشر: ٢١] الآية، أخبر الله تعالى أن من شأن القرآن وعظمته وبيانه، أنه لو جعل في الجبل تمييز، وأنزل عليه القرآن، لخشع وتشقق من خشية الله، والمعنى: أن الجبل على قساوته وصلابته، يتشقق من خشية الله، وحذرًا من أن لا يؤدي حق الله في تعظيم القرآن، والكافر مستخف بحقه، معرض عما فيه من العبر كأن لم يسمعها، وهذا وصف للكافر بالقسوة، حيث لم يلن قلبه لمواعظ القرآن، الذي لو نزل على جبل لخشع، وهذا تمثيل يدل على ذلك قوله: {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ