بالكواكب حفظا، ذلك الذي ذكر من صنعه، تقدير العزيز في ملكه، العليم بخلقه.
قوله: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ {١٣﴾ إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴿١٤﴾ } [فصلت: ١٣-١٤].
فإن أعرضوا عن الإيمان بعد هذا البيان، ﴿فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ [فصلت: ١٣] هلاكا مثل هلاكهم، والصاعقة: المهلكة من كل شيء.
﴿إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ [فصلت: ١٤] أتت الرسل آباءهم، ومن كان قبلهم، ومن خلفهم من خلف الرسل، الذين بعثوا إلى آبائهم رسل إليهم أن لا، بأن لا، ﴿تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنْزَلَ مَلائِكَةً﴾ [فصلت: ١٤] أي: لو شاء ربنا دعوة الخلق، لأنزل ملائكة، ثم أظهروا الكفر بهم، وهو قولهم: ﴿فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [فصلت: ١٤].
ثم قص قصة عاد وثمود، فقال: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ {١٥﴾ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ ﴿١٦﴾ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿١٧﴾ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿١٨﴾ } [فصلت: ١٥-١٨].
﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ﴾ [فصلت: ١٥] تكبروا عن الإيمان وعملوا، بغير الحق وأعجبتهم أجسامهم، ﴿وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ [فصلت: ١٥] وذلك أن هودا هددهم بالعذاب، فقالوا: نحن نقدر على دفعه عنا، بفضل قوتنا.
فقال الله تعالى، ردا عليهم: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ [فصلت: ١٥] يكفرون بحججنا عليهم.
ثم ذكر عذابهم، بقوله: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا﴾ [فصلت: ١٦] عاصفا، شديدة الصوت، من الصرة وهي: الصيحة، وقال ابن عباس: وهي الباردة من الصر، وهي: البرد.
وقال الفراء: هي الباردة، تحرق كما تحرق النار.
﴿فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ﴾ [فصلت: ١٦] نكدات مشئومات، ذات نحوس،