مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ﴿٣﴾ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: ١-٤] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ،
فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال المفسرون: إن المؤمنين، قالوا: وددنا أن الله يخبرنا بأحب الأعمال إليه حتى نعمله، ولو ذهبت فيه أموالنا وأنفسنا.
فأنزل الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا﴾ [الصف: ٤] فكرهوا الموت، وأحبوا الحياة، وتولوا يوم أحد، فأنزل الله تعالى: ﴿لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢].
ثم ذم القول إذا لم يشفعه الفعل، فقال: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٣] أي: عظم ذلك عند الله في المقت، والبغض عند الله، أي: إن الله يبغضه بغضًا شديًا أن تعدوا من أنفسكم شيئًا ثم لم تفوا به.
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا﴾ [الصف: ٤] أي: يصفون أنفسهم عند القتال صفًا، ﴿كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: ٤] يقال: رصصت البناء أرصه رصًا، إذا صممت بعضه إلى بعض، قال مقاتل: مرصوص ملتزق بعضه إلى بعض.
أعلم الله أنه يحب من يثبت في القتال، ويلزم مكانه، كثبوت البناء المرصوص.
﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {٥﴾ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴿٦﴾ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلامِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿٧﴾ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴿٨﴾ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴿٩﴾ } [الصف: ٥-٩].


الصفحة التالية
Icon