الله.
وقال الشافعي، رحمه الله: السعي في هذا الموضع هو العمل.
وتلا قوله تعالى: ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾ [الليل: ٤] ويكون المعنى على هذا: فاعملوا على المضي إلى ذكر الله من التفرغ له، والاشتغال بالطهارة والغسل، والتوجه إليه بالقصد والنية، ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: ٩] قال الحسن: إذا أذن المؤذن يوم الجمعة، لم يحل الشراء والبيع.
قال أصحابنا من باع في تلك الساعة فقد خالف الأمر، وبيعه منعقد، لأن هذا نهي تنزيه، لقوله: ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [الجمعة: ٩] فدل هذا على الترغيب في ترك البيع.
وقوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: ٩] أي: ما هو خير لكم وأصلح.
﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ﴾ [الجمعة: ١٠] فإذا صليتم الفريضة، وفرغتم من الصلاة، ﴿فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ﴾ [الجمعة: ١٠] هذا أمر إباحة.
قال ابن عباس: إن شئت فاخرج، وإن شئت فصل إلى العصر، وإن شئت فاقعد.
وكذلك قوله: ﴿وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ١٠] إباحة لطلب الرزق بالتجارة بعد المنع بقوله: ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: ٩]، ويروى أن عراك بن مالك، كان إذا صلى الجمعة انصرف، فوقف على باب المسجد، وقال: اللهم أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين.
قوله: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا﴾ [الجمعة: ١١] الآية، قال الحسن: أصاب أهل المدينة جوع، وغلاء سعر، فقدمت عير، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب يوم الجمعة، فسمعوا بها وخرجوا إليها، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائم كما هو، فقال: «لو ابتع آخرهم أولهم، التهب عليهم الوادي نارًا».