أكثرهم في ذلك الوقت الفقر، ثم فتح الله عليهم بعد ذلك وجعل يسرًا بعد عسر.
﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا {٨﴾ فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا ﴿٩﴾ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا ﴿١٠﴾ رَسُولا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ﴿١١﴾ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴿١٢﴾ } [الطلاق: ٨-١٢].
وكأين وكم، ﴿مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا﴾ [الطلاق: ٨] قال ابن عباس: عتوا على الله، وعلى أنبيائهم.
﴿فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا﴾ [الطلاق: ٨] قال مقاتل: حاسبها الله تعالى في الدنيا، فجازاها بالعذاب.
وهو قوله: ﴿وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا﴾ [الطلاق: ٨] فجعل المجازاة بالعذاب محاسبة.
﴿فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا﴾ [الطلاق: ٩] ثقل عاقبة أمر كفرها، ﴿وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا﴾ [الطلاق: ٩] خسرانًا في الدنيا والآخرة، وهو قوله: ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا﴾ [الطلاق: ١٠] يخوف الله كفار مكة، ثم قال للذين آمنوا: {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا ﴿١٠﴾ رَسُولا} [الطلاق: ١٠-١١] يعني: أنزل إليكم قرآنا، وأرسل ورسولًا، وإنزال الذكر يدل على إرسال الرسول، يتلو عليكم يعني: الرسول، ﴿آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ﴾ [الطلاق: ١١] إلى قوله: ﴿قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا﴾ [الطلاق: ١١] يعني: الجنة التي لا ينقطع نعيمها.
﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ١٢] خلق من الأرض بعدد السموات، ﴿يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ﴾ [الطلاق: ١٢] قال قتادة: في كل أرض من أرضه، وسماء من سمائه، خلق من خلقه، وأمر من أمره، وقضاء من قضائه.
﴿لِتَعْلَمُوا﴾ [الطلاق: ١٢] أي: أعلمكم هذا، لتعلموا قدرته على كل شيء وعلمه، وهو قوله: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: ١٢].


الصفحة التالية
Icon