قال: قال معاذ بن جبل: يا رسول الله، ما التوبة النصوح؟ قال: «أن يتوب التائب، ثم لا يرجع في ذنب، كما لا يعود اللبن إلى الضرع».
وقال ابن مسعود: التوبة النصوح تكفر كل سيئة، وهو في القرآن.
ثم قرأ: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ [التحريم: ٨].
وقوله: ﴿يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ [التحريم: ٨] أي: لا يعذبهم الله بدخول النار، ﴿نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ [التحريم: ٨] مفسر في ﴿ [الحديد،] يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ [سورة التحريم: ٨] إذا رأى المؤمنون نور المنافقين يطفأ، سألوا الله أن يتمم لهم نورهم، ويبلغهم به الجنة، قال ابن عباس: ليس أحد من الموحدين إلا يعطى نورًا يوم القيامة، فأما المنافق فيطفأ نوره، والمؤمن مشفق مما رأى من إطفاء نور المنافق.
فهو يقول: ﴿رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [التحريم: ٨] من إطفاء نور المنافقين، وإثبات نور المؤمنين.
﴿يَأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ {٩﴾ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ﴿١٠﴾ } [التحريم: ٩-١٠].
﴿يَأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ [التحريم: ٩] مفسر في ﴿ [براءة.
ثم خوف عائشة وحفصة في تظاهرهما على الرسول، وذكر أنهما إن عصتا ربهما، لم يغن محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنهما شيئًا، وضرب لهما امرأة نوح، وامرأة لوط مثلًا، فقال:] ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ﴾ [سورة التحريم: ١٠] ثم ذكر حالهما، فقال: ﴿كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ﴾ [التحريم: ١٠] يعني: نوحا ولوطا، ﴿فَخَانَتَاهُمَا﴾ [التحريم: ١٠] قال ابن عباس: ما بغت امرأة نبي قط، إنما كانت خيانتهما في الدين: كانت امرأة نوح تخبر الناس أنه مجنون، وكانت امرأة لوط تدل على الأضياف: إذا نزل بلوط ضيف بالليل أوقدت النار، وإذا نزل بالنهار دخنت، ليعلم قومه أنه قد نزل به ضيف.
وقال الكلبي: أسرتا النفاق وأظهرتا الإيمان.
﴿فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ [التحريم: ١٠] لم يدفعا عنهما عذاب الله أعلم الله تعالى، أن الأنبياء لا يغنون عمن عمل بالمعاصي شيئًا، فقطع الله تعالى بهذه الآية طمع من ركب المعصية، ورجا أن ينفعه صلاح غيره.
ثم أخبر أن معصية غيره لا تضره إذا كان مطيعًا، وهو قوله: