﴿سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الملك: ٢٧] اسودت، وعلتها الكآبة، ومعنى سيئت أي: قبحت وجوههم بالسواد، يقال: ساء الشيء يسوء فهو سيئ، إذا قبح، وقيل لهم، هذا العذاب، ﴿الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ﴾ [الملك: ٢٧] قال الفراء: يريد: تدعون وهما واحد، مثل تذكرون، والمعنى: كنتم به تستعجلون، وتدعون الله بتعجيله.
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ {٢٨﴾ قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ﴿٢٩﴾ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴿٣٠﴾ } [الملك: ٢٨-٣٠].
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ﴾ [الملك: ٢٨] بعذابه، ومن معي من المؤمنين، أو رحمنا فلم يعذبنا، ﴿فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ﴾ [الملك: ٢٨] يمنعهم، ويؤمنهم، ﴿مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الملك: ٢٨] والمعنى: إنا مع إيماننا بين الخوف والرجاء، فمن يجيركم مع كفركم من العذاب؟ أي: أنه لا رجاء لكم كما للمؤمنين.
قل لهم، ﴿هُوَ الرَّحْمَنُ﴾ [الملك: ٢٩] الذي نعبده، ﴿آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ﴾ [الملك: ٢٩] عند معاينة العذاب، من الضال منا، أنحن أم أنتم؟ ومن قرأ بالياء فهو إخبار عن الكافرين الذين تقدم ذكرهم.
ثم احتج عليهم بقوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ﴾ [الملك: ٣٠] يعني: ماء زمزم، غورًا ذاهبًا في الأرض غائرًا، ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: ٣٠] ظاهر تراه العيون، وتناله الدلاء.