نَائِمُونَ ﴿١٩﴾ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴿٢٠﴾ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ ﴿٢١﴾ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ ﴿٢٢﴾ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ﴿٢٣﴾ أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ﴿٢٤﴾ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ﴿٢٥﴾ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ﴿٢٦﴾ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴿٢٧﴾ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ ﴿٢٨﴾ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿٢٩﴾ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ ﴿٣٠﴾ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ﴿٣١﴾ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ ﴿٣٢﴾ كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿٣٣﴾ } [القلم: ١٧-٣٣].
﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ﴾ [القلم: ١٧] أي: بلونا أهل مكة بالجوع والقحط، كما ابتلينا أصحاب الجنة حين هلكت جناتهم، وهم قوم من ثقيف كانوا باليمن مسلمين، ورثوا من أبيهم ضيعة فيها جنان وزروع ونخيل، وكان أبوهم يجعل مما فيها من كل شيء حظًا للمساكين عند الحصاد والصرام، فقال بنوه: المال قليل، والعيال كثير، ولا يسعنا أن نفعل كما كان يفعل أبونا.
وعزموا على حرمان المساكين، فصارت عاقبتهم إلى ما قصّ الله في كتابه، وهو قوله: ﴿إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ﴾ [القلم: ١٧] حلفوا ليقطعن ثمر نخيلهم، إذا أصبحوا بسدفة من الليل، من غير أن يشعر المساكين.
ولا يستثنون لا يقولون: إن شاء الله.
﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ﴾ [القلم: ١٩] قال ابن عباس: أحاطت بها النار، فاحترقت.
وقال قتادة: طرقها طارق من أمر الله.
وقال مقاتل: بعث الله نارًا بالليل على جنتهم، فأحرقتها حتى صارت سوداء.
فذلك قوله: فأصبحت كالصريم كالليل المظلم، والصريمان: الليل والنهار، لانصرام أحدهما من الآخر.
﴿فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ﴾ [القلم: ٢١] لما أصبحوا، قال بعضهم لبعض: ﴿اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ﴾ [القلم: ٢٢] يعني: الثمار، والزروع، والأعناب، ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ﴾ [القلم: ٢٢] قاطعين للنخل.
فانطلقوا ذهبوا على جنتهم، ﴿وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ﴾ [القلم: ٢٣] يسرون الكلام بينهم، بألا ﴿يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ﴾ [القلم: ٢٤].
﴿وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ﴾ [القلم: ٢٥] الحرد في اللغة يكون بمعنى: المنع، والغضب، والقصد، قال قتادة: على جد من أمرهم.
وهو قول مقاتل، والكلبي، والحسن، ومجاهد، وهذا بمعنى:


الصفحة التالية
Icon