بالذنب.
﴿فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ﴾ [القلم: ٥٠] استخلصه، واصطفاه، ﴿فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [القلم: ٥٠] قال ابن عباس: رد إليه الوحي، وشفعه في قومه وفي نفسه.
قوله: ﴿وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ﴾ [القلم: ٥١] من أزلقه عن موضعه إذا نحاه، يقال: زلق من مكانه، وأزلقته أنا.
وقرأ نافع بفتح الياء، يقال: زلق هو وزلقته، مثل حزن وحزنته، والأولى أكثر وأوسع، نزلت الآية في قصد الكفار أن يصيبوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعين، فكانوا ينظرون إليه نظرًا شديدًا، وليس هذا بالوجه، قال الزجاج: مذهب أهل اللغة والتأويل: أنهم من شدة إبغاضهم وعداوتهم، يكادون بنظرهم نظر البغضاء، أن يصرعوك، وهذا مستعمل في الكلام، يقول القائل: نظر إلىّ نظرًا كاد يصرعني، ونظرًا كاد يأكلني.
وقال ابن قتيبة: ليس يريد الله تعالى، يقال: إنهم يصيبوك بأعينهم، كما يصيب العائن بعينه ما يعجبه، وإنما أراد: أنهم ينظرون إليك إذا قرأت القرآن، نظرًا شديدًا بالعداوة والبغضاء، يكاد يسقطك، كما قال الشاعر:
نظرًا يزيل مواطئ الأقدام
ويدل على صحة هذا المعنى: أن الله تعالى قرن هذا النظر بسماع القرآن وهو قوله: ﴿لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ﴾ [القلم: ٥١] وهم كانوا يكرهون ذلك أشد الكراهية، فيحدون إليه النظر بالبغضاء، والإصابة بالعين تكون مع الإعجاب والاستحسان، ولا تكون مع البغض، والقول الأول هو قول الكلبي، ولم يعرف معنى الآية، ﴿وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴾ [القلم: ٥١] أي: ينسبونه إلى الجنون، إذا سمعوه يقرأ القرآن، فقال الله: وما هو يعني: القرآن، ﴿إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾ [القلم: ٥٢] قال ابن عباس: موعظة للمؤمنين.