وقال آخرون: يعني: بالصيحة الطاغية، وهي التي جاوزت المقدار.
﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ﴾ [الحاقة: ٦] وقد سبق تفسيرها، عاتية عتت على خزانها، فلم يكن لهم عليها سبيل، ولم يعرفوا كم خرج منها.
أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي، أنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجر، أنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ، نا محمد بن يحيى، نا سعيد بن أبي مريم، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن قبيصة بن ذؤيب، أنه قال: ما يخرج من الريح شيء إلا عليها خُزَّان يعلمون قدرها، وعددها، وكيلها، حتى كانت التي أرسلت على عاد، فاندفق منها شيء لا يعلمون قدره غضبًا لله تعالى، ولذلك سميت عاتية.
وقوله: سخرها عليهم قال مقاتل: سلطها.
وقال الزجاج: أقامها عليهم كما شاء.
﴿سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] ولاء متتابعة، يعني: أن هذه الأيام والليالي تتابعت عليهم بالريح المهلكة، فلم يكن فيها فتور، ولا انقطاع.
قال الفراء: والحسوم التتابع إذا تتابع الشيء ولم ينقطع أوله عن آخره، قيل له: حسوم، وقال الزجاج: الذي توجبه اللغة في معنى حسومًا أي: تحسمهم حسومًا تفنيهم وتذهبهم.
وهذا معنى قول النضر بن شميل: حسمتهم فقطعتهم، وأهلكتهم.
﴿فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا﴾ [الحاقة: ٧] أي: في تلك الليالي والأيام، ﴿صَرْعَى﴾ [الحاقة: ٧] جمع صريع، يعني: أنهم صرعوا بموتهم، ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧] أصول نخل ساقطة، وهذا كقوله: ﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ [القمر: ٢٠] وقد مر.
﴿فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٨] أي: من نفس باقية، يعني: لم يبق منهم أحد.
﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ﴾ [الحاقة: ٩] من الأمم الكافرة، وقرئ ومن قِبَلَهُ يعني: من يليه، ويحف به من جنوده وأتباعه، ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتُ﴾ [الحاقة: ٩] يعني: قرى قوم لوط، ويكون المعنى: وأهل المؤتفكات، ويجوز أن يريد: الأمم والجماعات الذين ائتفكوا بخطيئتهم، وقوله: ﴿بِالْخَاطِئَةِ﴾ [الحاقة: ٩] يعني: الشرك والكفر، وهي: مصدر كالخطأ والخطيئة.
﴿فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ﴾ [الحاقة: ١٠] يعني: لوطًا، وموسى، ﴿فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً﴾ [الحاقة: ١٠] نامية، زائدة على


الصفحة التالية
Icon