جميلًا لا جزع فيه، وهذا قبل أن يؤمر بالقتال.
إنهم يرونه يرون العذاب، بعيدًا غير كائن.
ونراه قريبًا كائنًا، لأن ما هو آت قريب.
ثم أخبر متى يقع بهم العذاب، فقال: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ {٨﴾ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ﴿٩﴾ وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا ﴿١٠﴾ يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ﴿١١﴾ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ ﴿١٢﴾ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُئْوِيهِ ﴿١٣﴾ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ ﴿١٤﴾ كَلَّا إِنَّهَا لَظَى ﴿١٥﴾ نَزَّاعَةً لِلشَّوَى ﴿١٦﴾ تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ﴿١٧﴾ وَجَمَعَ فَأَوْعَى ﴿١٨﴾ } [المعارج: ٨-١٨].
﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ﴾ [المعارج: ٨] قال ابن عباس: كدردي الزيت.
وقال عطاء: كعكر القطران.
وقال الحسن: مثل الفضة إذا ذيبت.
﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ﴾ [المعارج: ٩] كالصواف الأحمر في ختفها، وسيرها.
﴿وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا﴾ [المعارج: ١٠] لا يسأل الرجل قرابته، من شدة الأهوال، والمعنى: لا يسأل قرابة عن قرابته اشتغالًا بنفسه، وروي عن ابن كثير بضم الياء، أي: لا يقال لحميم أين حميمك؟ قال الفراء: ولست أشتهي ضم الياء، لأنه مخالف للتفسير، ولما أجمع عليه القراء.
يبصرونهم يعرفونهم، ويرونهم، أي: يعرف الحميم حميمه حتى يعرفه، ومع ذلك لا يسأل عن شأنه، لشغله بنفسه، ويقال: بصّرتُ زيدًا بكذا، إذا عرفته إياه، ثم يحذف الجار، فيقال: بصرته كذا.
والآية على حذف الجار، يود المجرم المشرك الكافر، ﴿لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ﴾ [المعارج: ١١] لشدة ما يرى، يتمنى أن لو قبل منه أولاده فداء وأعزته، وهو قوله: {وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ ﴿١٢﴾ وَفَصِيلَتِهِ} [المعارج: ١٢-١٣] عشيرته الأقربين، التي تئويه تضمه، ويأوي إليها، يقول الله تعالى: يود لو يفتدي بهذه الأشياء.
ثم ينجيه ذلك الفداء.
كلا لا ينجيه ذلك، إنها لظى وهي من أسماء النار، ومعناها في اللغة: اللهب الخالص، يقال: لظيت النار، تلظى لظى.
نزاعة أي: هي نزاعة، ﴿لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] وهي الأطراف: اليدان والرجلان، قال مقاتل: تنزع النار الأطراف، فلا تترك لحمًا، ولا جلدًا، إلا أحرقته.
وقال الضحاك: تنزع الجلد، واللحم عن العظم.