﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا {١٢﴾ مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴿١٣﴾ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴿١٤﴾ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا ﴿١٥﴾ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ﴿١٦﴾ وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا ﴿١٧﴾ ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا ﴿١٨﴾ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا ﴿١٩﴾ لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا ﴿٢٠﴾ } [نوح: ١٢-٢٠].
﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾ [نوح: ١٢] قال عطاء: يكثر أموالكم، وأولادكم.
﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ﴾ [نوح: ١٢] يعني: البساتين، ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ [نوح: ١٢] أعلمهم نوح: أن إيمانهم بالله يجمع لهم مع الحظ الوافر في الآخر الخصب والغنا في الدنيا.
﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ [نوح: ١٣] لا تخافون لله عظمة، فالرجاء ههنا بمعنى: الخوف، والوقار: العظمة، اسم من التوقير وهو التعظيم، والمعنى: لا تعلمون حق عظمته فتوحدوه، وتطيعوه، وقد جعل لكم في أنفسكم آية تدل على توحيده: من خلقه إياكم، ومن خلق السموات والأرض، وهو قوله: ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ [نوح: ١٤] يعني: نطفة، ثم علقة شيئًا بعد شيء إلى آخر الخلق، وطورًا بعد طور، بتقليبكم من حال إلى حال، قال ابن الأنباري: الطور: الحال، وجمعه أطوار.
وتلا هذه الآية.
﴿وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا﴾ [نوح: ١٦] قال ابن عباس: وجهه في السموات، وقفاه في الأرض.
وهذا قول عبد الله بن عمر، وقال في هذه الآية: وجوههما إلى السماء، وأقفاهما إلى الأرض، يضيئان في السماء، كما يضيئان في الأرض.
ونحو هذا قال قتادة، وقال أهل المعاني: هذا على المجاز، كما تقول: أتيت بني تميم، وإنما أتيت بعضهم، وركب إلى بغداد في السفر، وتوارى في دور بني فلان، فيقام البعض مقام الكل، كذلك القمر جعل نورًا في السماء الدنيا، ثم جاز أن يقال فيهن.
﴿وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا﴾ [نوح: ١٦] يستضاء به، ويضيء العالم.
﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ﴾ [نوح: ١٧] يعني: مبتدأ خلق آدم، وآدم خلق من الأرض، والناس ولده، وقوله: نباتًا اسم جعل في موضع المصدر، والمعنى: ينبتون نباتًا.
﴿ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا﴾ [نوح: ١٨] بعد الموت،


الصفحة التالية
Icon