بسببها، كقوله تعالى: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ [إبراهيم: ٣٦]، ﴿وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ﴾ [نوح: ٢٤] الكافرين، إلا ضلالا هذا دعاء عليهم، بعد أن أعلمه الله أنهم لا يؤمنون، وهو قوله: ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ﴾ [هود: ٣٦].
قوله: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا {٢٥﴾ وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ﴿٢٦﴾ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا ﴿٢٧﴾ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارًا ﴿٢٨﴾ } [نوح: ٢٥-٢٨].
مما خطيئاتهم وما صلة، والمعنى: من خطيئاتهم، أي: من أجلها وسببها، وقرئ خطاياهم وكلاهما جمع خطيئة، أغرقوا بالطوفان، فأدخلوا نارًا قال مقاتل: أدخلوا في الآخرة نارًا.
وقال الكلبي: سيدخلون في الآخرة نارًا.
وجاء لفظ المضي بمعنى الاستقبال، لصدق الوعد به، ﴿فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا﴾ [نوح: ٢٥] لم يجدوا أحدًا يمنعهم من عذاب الله.
﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦] نازل دار، يعني: لا تدع أحدًا منهم إلا أهلكته، يقال: ما بالدار ديار، أي: ما بها أحد.
﴿إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ﴾ [نوح: ٢٧] قال الكلبي، ومقاتل: هو أن الرجل منهم كان ينطلق بابنه إلى نوح، يحذره تصديقه، والإيمان به، ﴿وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ [نوح: ٢٧] أخبر الله نوحًا، عليه السلام، أنهم لا يلدون مؤمنًا، لذلك علم فقال: ﴿وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا﴾ [نوح: ٢٧] خارجًا عن طاعتك، كفارًا لنعمتك.
﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ [نوح: ٢٨] يعني: لمك بن متوشلخ، وسمخا بنت أنوش، وكانا مؤمنين، ﴿وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا﴾ [نوح: ٢٨] قال الضحاك، والكلبي: يعني مسجده.
وللمؤمنين والمؤمنات عام في كل من آمن بالله تعالى، وصدق بالرسل، ﴿وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ﴾ [نوح: ٢٨] يعني: قومه، إلا تبارًا هلاكًا، فاستجاب الله دعاءه، وأهلكهم.