أَوْفَرَ مَا كَانَ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَسْتَنْجُوا بِالْعِظَامِ وَلا بِالْبَعْرِ، فَإِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ» قَالَ دَاوُدُ: وَلا أَدْرِي هَذَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ إِلا ذِكْرَ الزَّادِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّة، عَنْ دَاوُد
ومعنى قوله: قرآنا عجبًا قال ابن عباس: بليغًا.
والمعنى: قرآنا ذا عجب، يعجب منه لبلاغته.
﴿يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ﴾ [الجن: ٢] يدعو إلى الصواب من التوحيد والإيمان، فآمنا به بذلك القرآن، ولن نشرك لن نعدل، بربنا أحدًا يعنون: إبليس، أي: لا نطيعه في الشرك بالله.
قوله: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾ [الجن: ٣] الاختيار كسر إن، لأنه من قول الجن لقومهم، فهو معطوف على قوله: ﴿فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًا﴾ [الجن: ١]، وقالوا: وإنه تعالى جد ربنا، وأما من فتح، فقال الفراء: رد أن في كل ال ﴿ [على قوله:] فَآمَنَّا بِهِ﴾ [سورة الجن: ٢] وآمنا بكل ذلك، ففتح أنه: لوقوع الإيمان عليه، ومعنى: جد ربنا جلال ربنا، وعظمته، يقال: جد فلان.
أي: عظم، ومنه الحديث: " كان الرجل إذا قرأ البقرة جد فينا، أي: عظم قدره "، قال الزجاج: تعالى جلال ربنا، وعظمته عن أن يتخذ صاحبة، أو ولدًا.
وهو قوله: ﴿مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا﴾ [الجن: ٣].
﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا﴾ [الجن: ٤] يعني: الكفار والمشركين منهم، وقال مجاهد، وقتادة: هو إبليس.
﴿عَلَى اللَّهِ شَطَطًا﴾ [الجن: ٤] كذبًا، وجورًا، وهو وصفه بالشرك والولد.
وأنا ظننا قالت الجن: إنا ظننا أن الإنس والجن كانوا لا يكذبون على الله، بأن له شريكًا، وصاحبة، وولدًا.
أي: كنا نظنهم صادقين حتى سمعنا القرآن.
قال الله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾ [الجن: ٦] وهو أن الرجل في الجاهلية كان إذا سافر، فأمسى في قفر


الصفحة التالية
Icon