وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴿١٦﴾ لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا ﴿١٧﴾ } [الجن: ١١-١٧].
﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ﴾ [الجن: ١١] المؤمنون، المخلصون، ﴿وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ﴾ [الجن: ١١] دون الصالحين، ﴿كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا﴾ [الجن: ١١] جماعات متفرقين، وأصنافًا مختلفة، والقدة: القطعة من الشيء، وصار القوم قددًا إذا تفرقت حالاتهم، قال مجاهد: يعنون: مسلمين وكافرين.
وقال الحسن: الجن أمثالكم، فمنهم قدرية، ومنهم مرجئة، ورافضة، وشيعة.
وأنا ظننا علمنا وأيقنا، ﴿أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ﴾ [الجن: ١٢] لن نفوته إذا أراد بنا أمرًا، ﴿وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا﴾ [الجن: ١٢] أي: أنه يدركنا حيث كنا.
﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى﴾ [الجن: ١٣] القرآن، وما أتى به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آمنا به صدقنا أنه من عند الله، ﴿فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا﴾ [الجن: ١٣] نقصانًا من عمله وثوابه، ولا رهقًا ولا مكروهًا يغشاه.
﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ﴾ [الجن: ١٤] وهم الذين آمنوا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومنا القاسطون الجائرون الظالمون، قال ابن عباس: هم الذين جعلوا لله ندًا.
﴿فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾ [الجن: ١٤] قصدوا طريق الحق، وقال الفراء: أموا الهدى.
وأما القاسطون الذين عدلوا، وكفروا بربهم، ﴿فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ [الجن: ١٥] وكانوا وقودًا للنار في الآخرة.
ثم رجع إلى كفار مكة، فقال: وأن لو استقاموا على الطريقة.
لو آمنوا، واستقاموا على الهدى، ﴿لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ [الجن: ١٦] كثيرًا، قال مقاتل: ماء كثيرًا من السماء، وذلك بعد ما رفع عنهم المطر سبع سنين.
وقال ابن قتيبة: لو آمنوا


الصفحة التالية
Icon