نصر الجوزقي فيما أجاز لي، أنا محمد بن محمد بن يعقوب الحافظ، نا محمد بن إسحاق الثقفي، نا حاتم بن الليث الجوهري، نا خالد بن خداش، نا صالح المري، عن خليد بن حسان الهجري، قال: أمسى الحسن صائمًا، فلما أتي بإفطاره، عرضت له هذه الآية: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالا وَجَحِيمًا {١٢﴾ وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ} [المزمل: ١٢-١٣] فقلصت يداه عن عشائه.
فقال: ارفعوه.
فرفع، فأصبح صائمًا، فلما أتي بإفطاره، عرضت له أيضًا هذه الآية فرفع، فلما كان اليوم الثالث انطلق ابنه إلى ثابت البناني، ويزيد الضبي، ويحيى البكاء، وناس من أصحابه، فقال: أدركوا أبي فإنه لم يذق طعامًا منذ ثلاثة أيام، كلما قربنا إليه الطعام، عرضت له هذه الآية: ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالا وَجَحِيمًا﴾ [المزمل: ١٢] فيتركه.
فأتوه، فلم يزالوا به حتى سقوه شربة من سويق.
ثم أخبر متى يكون ذلك، فقال: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾ [المزمل: ١٤] تزلزل، وتتحرك، ﴿وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا﴾ [المزمل: ١٤] رملًا، مهيلًا سائلا، ويقال لكل شيء أرسلته إرسالا من رمل، أو تراب، أو طعام: هلته أهيله هيلًا.
قال الكلبي: هو الرمل الذي إذا أخذت منه شيئًا، تبعك آخره.
قوله: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ﴾ [المزمل: ١٥] يعني: أهل مكة، رسولًا يعني: محمدًا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شاهدا عليكم بالتبليغ والبيان، وإيمان من آمن به وأجاب، وكفر من عصى، ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولا﴾ [المزمل: ١٥] موسى.
﴿فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ [المزمل: ١٦] ولم يجبه إلى ما دعاه إليه، ﴿فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلا﴾ [المزمل: ١٦] وهو الثقيل، الغليظ جدًا، والمعنى: عاقبناه عقوبة غليظة، يعني: الغرق، يخوف كفار مكة.
﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ﴾ [المزمل: ١٧] ولم تؤمنوا برسولكم، يومًا أي: عذاب يوم، ﴿يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا﴾ [المزمل: ١٧] وصف لذلك اليوم وشدته، كما يقال: هذا أمر يشيب منه الوليد.
إذا كان عظيمًا شديدًا، والمعنى: بأي شيء تتحصنون من عذاب ذلك اليوم إن كفرتم.
ثم وصف من


الصفحة التالية
Icon