﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ﴾ [المدثر: ٤٩] يعني: كفار قريش، حين نفروا عن القرآن والتذكرة، والتذكير بمواعظ القرآن، والمعنى: لا شيء لهم في الآخرة، إذ أعرضوا عن القرآن فلم يؤمنوا به.
ثم شبههم في نفورهم عن القرآن بحمر نافرة، فقال: كأنهم حمر يعني: الحمر الوحشية، مستنفرة نافرة، يقال: نفروا ستنفر.
مثل: عجب واستعجب، وقرئ بفتح الفاء وهي بمعنى: مذعورة، يقال: استنفرت الوحش ونفرتها.
﴿فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ﴾ [المدثر: ٥١] يعني: الأسد، في قول عطاء، والكلبي.
قال ابن عباس: الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت منه، كذلك هؤلاء المشركون، إذا سمعوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ القرآن، هربوا منه.
وقال الضحاك، ومقاتل: هم الرماة، رجال القنص.
لا واحد له من لفظه.
﴿بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً﴾ [المدثر: ٥٢] قال المفسرون: إن كفار قريش قالوا لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ليصبح عند رأس كل رجل منا كتاب منشور من الله بأنك رسوله، تؤثر فيه باتياءك.
والصحف: الكتب، واحدتها: صحيفة، ومنشرة معناها: منشورة.
كلا لا يؤتون الصحف، ﴿بَلْ لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ﴾ [المدثر: ٥٣] يعني: عذاب الآخرة، والمعنى: أنهم لو خافوا النار، لما اقترحوا الآيات بعد قيام الدلالة.
كلا حقًا، إنه إن القرآن، تذكرة تذكير، وموعظة.
﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ﴾ [المدثر: ٥٥] اتعظ به.
ثم رد المشيئة إلى نفسه، فقال: ﴿وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [المدثر: ٥٦] قال مقاتل: إلا أن يشاء الله لهم الهدى.
﴿هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ﴾ [المدثر: ٥٦].
١٢٥٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ، نا بَشِيرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ، نا سُهَيْلٌ أَخُو حَزْمٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلا هَذِهِ الآيَةَ:


الصفحة التالية
Icon