بنصب الأدلة، وبعث الرسل، شكر الإنسان فآمن، أو جحد فكفر.
ثم بين ما أعد للكافرين، فقال: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالا وَسَعِيرًا {٤﴾ إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ﴿٥﴾ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴿٦﴾ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴿٧﴾ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴿٨﴾ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا ﴿٩﴾ إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ﴿١٠﴾ فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ﴿١١﴾ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴿١٢﴾ } [الإنسان: ٤-١٢].
﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا﴾ [الإنسان: ٤] يعني: في جهنم، كقوله تعالى: ﴿فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا﴾ [الحاقة: ٣٢] الآية، وتقرأ: سلاسلًا بالتنوين، وكذلك قواريرًا و ﴿قَوَارِيرَا﴾ [الإنسان: ١٥] وفيه وجهان: أحدهما: أن من العرب من يصرف جميع ما لا ينصرف، وهو لغة الشعر، إلا أنهم اضطروا إليه في الشعر فصرفوه، فجرت على ألسنتهم كذلك، والآخر: أن هذا الجمع أشبه الآحاد، لأنهم قالوا: صواحبات يوسف.
ويقولون: مواليات.
في جمع الموالي، فمن حيث جمعوه جمع الآحاد المنصرفة، جعلوه في حكمها، فصرفوه، وقوله: وأغلالًا يعني: في أيديهم تغل إلى أعناقهم، وسعيرًا وقودًا شديدًا.
ثم ذكر ما أعد للشاكرين، فقال: إن الأبرار يعني: المطيعين لله، ﴿يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ﴾ [الإنسان: ٥] من إناء فيه شراب، ﴿كَانَ مِزَاجُهَا﴾ [الإنسان: ٥] ما يمازجها، كافورًا قال


الصفحة التالية
Icon