﴿لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ﴾ [فصلت: ٤٩] لا يمل الكافر، ولا يزال يسأل ربه الخير والمال، والغنى، ﴿وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ﴾ [فصلت: ٤٩] البلاء، والشدة، والفقر، فيئوس قنوط شديد اليأس، قنوط من روح الله.
﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا﴾ [فصلت: ٥٠] ولئن آتيناه خيرا، وعافية، وغنى، ﴿لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي﴾ [فصلت: ٥٠] قال مجاهد: هذا بعملي، وأنا محقوق به.
وكل هذا من أخلاق الكافر حب المال، والغنى، غير سائم منه، حتى إذا مسه الشر، صار إلى حال الآيس، فإذا عاد إليه المال، نسي أن الله هو المتفضل عليه بما أعطاه، فيبطر ويظن أنه المستحق لذلك، ثم يشك في البعث، فيقول: ﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾ [فصلت: ٥٠] ثم يتوهم أن له مع كفره في الآخرة منزلة، فيقول: ﴿وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي﴾ [فصلت: ٥٠] أي: لست على يقين من البعث، فإن كان الأمر على ذلك، ورددت إلى ربي، ﴿إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى﴾ [فصلت: ٥٠] الجنة، أي: كما أعطاني في الدنيا، سيعطيني في الآخرة الجنة، قال الله تعالى: ﴿فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا﴾ [فصلت: ٥٠] قال ابن عباس: لنقفنهم يوم القيامة على مساوئ أعمالهم.
﴿وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ﴾ [فصلت: ٥١] مفسر في ﴿ [بني إسرائيل، قوله:] فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ﴾ [سورة فصلت: ٥١] أي: كثير، والمعنى: أنه يسأل ربه أن يكشف ما به، لا يمل من الدعاء في الشدة، ويعرض عن الدعاء في الرخاء.
﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ {٥٢﴾ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿٥٣﴾ أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ﴿٥٤﴾ } [فصلت: ٥٢-٥٤].
قل يا محمد لأهل مكة، ﴿أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ﴾ [فصلت: ٥٢] القرآن، ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ﴾ [فصلت: ٥٢] خلاف للحق، بعيد عنه، وهو أنتم، أي: فلا أحد أضل منكم.
﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ﴾ [فصلت: ٥٣] ما يفتح من القرى على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وللمسلمين في النواحي والأطراف، وفي أنفسهم يعني: فتح مكة، وهذا قول مجاهد، والسدي، والحسن، قالوا: هي ظهور محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الآفاق، وعلى مكة.
يقول: يفتح القرى ومكة على محمد، حتى يعرفوا