قَالَ: دَعَا ابْنُ عَبَّاسٍ غُلامًا، فَقَالَ: اسْقِنَا دِهَاقًا فَجَاءَ الْغُلامُ بِهَا مَلْأَى، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا الدِّهَاقُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ: هِيَ الْمُتَتَابِعَةُ.
أخبرنا عمرو بن أبي عمرو، أنا جدي، أنا محمد بن إسحاق الثقفي، نا قتيبة، نا جرير، عن منصور، عن مجاهد في قوله: ﴿وَكَأْسًا دِهَاقًا﴾ [النبأ: ٣٤] قال: ممتلئة.
﴿لا يَسْمَعُونَ فِيهَا﴾ [النبأ: ٣٥] يعني: في الجنة إذا شربوها، ﴿لَغْوًا﴾ [النبأ: ٣٥] باطلًا من الكلام، ولا كذابًا ولا يكذب بعضهم بعضًا، قال ابن عباس: وذلك أن أهل الدنيا، إذا شربوا الخمر تكلموا بالباطل، وأهل الجنة إذا شربوا لم يتكلموا عليها بشيء يكرهه الله عز وجل.
وروي عن الكسائي التخفيف في هذه الآية، قال الفراء: وهو حسن المعنى، لا يكذب بعضهم بعضًا.
قال أبو عبيدة: الكذاب: مخفف مصدر المكاذبة.
وقال أبو علي: هو مصدر كذب، كالكتاب في مصدر كتب.
﴿جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ﴾ [النبأ: ٣٦] قال الزجاج: المعنى: جازاهم بذلك جزاء.
وكذلك: ﴿عَطَاءً﴾ [النبأ: ٣٦] أي: وأعطاهم عطاء، ﴿حِسَابًا﴾ [النبأ: ٣٦] قال أبو عبيدة: كافيًا.
وقال ابن قتيبة: كثيرًا، يقال: أحسبت فلانًا.
أي: أكثرت له وأعطيته ما يكفيه.
قال الزجاج: أي في ذلك الجزاء كل ما يشتهون.
﴿رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا {٣٧﴾ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ﴿٣٨﴾ ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا ﴿٣٩﴾ إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴿٤٠﴾ } [النبأ: ٣٧-٤٠].
﴿رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ﴾ [النبأ: ٣٧] فيه ثلاثة أوجه من القراءة: رفعهما بالقطع من الخبر الذي قبله رب السموات ابتداء، الرحمن خبره، وخفضهما باتباع الجر الذي قبلهما، وهو قوله: من ربك، ومن خفض الأول أتبعه الجر الذي قبله، واستأنف بقوله: الرحمن، وجعل لا يملكون في


الصفحة التالية
Icon